ليس في قول حسان ما يمنع من وجدان ذلك وقد حض صلى الله عليه وسلم على أبواب من أبواب الخير والبر لا تحصى كثرة ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالأربعين المذكورة وإنما لم يذكرها لمعنى هو أنفع لنا من ذكرها وذلك خشية أن يكون التعيين لها مزهدا في غيرها من أبواب البر قال وقد بلغني أن بعضهم تطلبها فوجدها تزيد على الأربعين فمما زاده إعانة الصانع والصنعة للأخرق واعطاء شسع النعل والستر على المسلم والذب عن عرضه وإدخال السرور عليه والتفسح في المجلس والدلالة على الخير والكلام الطيب والغرس والزرع والشفاعة وعيادة المريض والمصافحة والمحبة في الله والبغض لأجله والمجالسة لله والتزاور والنصح والرحمة وكلها في الأحاديث الصحيحة وفيها ما قد ينازع في كونه دون منيحة العنز وحذفت مما ذكره أشياء قد تعقب ابن المنير بعضها وقال الأولى أن لا يعتنى بعدها لما تقدم وقال الكرماني جميع ما ذكره رجم بالغيب ثم أني عرف أنها أدنى من المنيحة قلت وإنما أردت بما ذكرته منها تقريب الخمس عشرة التي عدها حسان بن عطية وهي إن شاء الله تعالى لا تخرج عما ذكرته ومع ذلك فأنا موافق لابن بطال في إمكان تتبع أربعين خصلة من خصال الخير أدناها منيحة العنز وموافق لابن المنير في رد كثير مما ذكره ابن بطال مما هو ظاهر أنه فوق المنيحة والله أعلم الحديث الرابع حديث جابر كانت لرجال منا فضول أرضين تقدم في المزارعة مع الكلام عليه والغرض منه هنا قوله أو ليمنحها أخاه الحديث الخامس (قوله وقال محمد بن يوسف) يحتمل أن يكون معطوفا على الذي قبله فيكون موصولا لكن صرح الإسماعيلي وأبو نعيم بأنه لم يذكر فيه الخبر ويؤيده أنه أورده في الهجرة موصولا من طريق الوليد بن مسلم قال وقال محمد بن يوسف كلاهما عن الأوزاعي فلو أراد هنا أن يعطفه لقال هناك حدثنا محمد بن يوسف كعادته نعم زعم المزي أنه أخرجه في الهبة عن محمد بن يوسف وفي الهجرة وقال محمد بن يوسف فالله أعلم وقد وصله الإسماعيلي وأبو نعيم من طريق محمد بن يوسف المذكور وسيأتي شرحه في الهجرة إن شاء الله تعالى والغرض منه قوله فهل تمنح منها شيئا قال نعم فإن فيه اثبات فضيلة المنيحة وقوله لن يترك أي لن ينقصك الحديث السادس حديث ابن عباس وقد تقدم في المزارعة أيضا والمراد منه هنا ما دل من قوله لو منحها إياه كان خيرا له على فضل المنيحة (قوله باب إذا قال أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارف الناس فهو جائز وقال بعض الناس هذه عارية وأن قال كسوتك هذا الثوب فهذه هبة) أورد فيه طرفا من حديث أبي هريرة في قصة إبراهيم وهاجر وقال فيه وأخدم وليدة قال وقال ابن سيرين عن أبي هريرة فأخدمها هاجر وسيأتي موصولا في أحاديث الأنبياء مع الكلام عليه قال ابن بطال لا أعلم خلافا أن من قال أخدمتك هذه الجارية أنه قد وهب له الخدمة خاصة فان الاخدام لا يقتضي تمليك الرقبة كما أن الاسكان لا يقتضي تمليك الدار قال واستدلاله بقوله فاخدمها هاجر على الهبة لا يصح وإنما صحت الهبة في هذه القصة من قوله فأعطوها هاجر قال ولم يختلف العلماء فيمن قال كسوتك هذا الثوب مدة معينة أن له شرطه وأن لم يذكر أجلا فهو هبة وقد قال تعالى فكفارته إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ولم تختلف الأمة أن ذلك تمليك للطعام والكسوة انتهى والذي يظهر أن البخاري لا يخالف ما ذكره عند الاطلاق وإنما مراده أنه أن وجدت قرينة تدل على العرف حمل عليها وإلا فهو على الوضع في الموضعين فإن كان جرى بين قوم
(١٨١)