كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٠٤
اعلمه ان الله معه خاصة وعبر عن نفسه بلفظ الجمع فقال * (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) * وقد قيل إن أبا بكر قال يا رسول الله ان حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه فقال له النبي صلى الله عليه وآله ان الله معنا أي معي ومع أخي علي بن أبي طالب عليه واله وأما قولك ان السكينة نزلت على أبي بكر فإنه كفر لأن الذي نزلت السكينة عليه هو الذي أيده الله تعالى بجنوده كذا يشهد ظاهر القرآن في قوله * (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها) * التوبة فلو كان أبو بكر هو صاحب السكينة لكان هو صاحب الجنود وفي هذا اخراج النبي صلى الله عليه وآله من النبوة على أن هذا الموضع لو كتمته على صاحبك لكان خيرا له لأن الله تعالى انزل السكينة على النبي صلى الله عليه وآله في موضعين وكان معه قوم مؤمنون فشركوه فيها فقال في أحدهما * (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وانزل جنودا لم تروها) * التوبة وقال في الموضع الأخر * (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمه التقوى) * الفتح ولما كان في الغار خصه وحده بالسكينة وقال فأنزل الله سكينته عليه فلو كان معه مؤمن لشركه في السكينة كما شركه من كان معه من المؤمنين فدل اخراجه من السكينة على خروجه من الايمان والحمد الله قال الشيخ المفيد رحمه الله فلم يحر عمر بن الخطاب جوابا وتفرق الناس واستيقظت (فصل) من السؤال يتعلق بهذا المقام فإن قيل إذا كان ما تضمنه هذا المقام صحيحا عندكم في الاحتجاج وحزن أبي بكر معصية بدليل توجه النهي له عنه حسبما شهد به القرآن فقد نهى الله تعالى نبيه عليه وآله السلام عن مثل ذلك فقال * (لا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون) * النحل ونهى أم موسى عليه السلام من الحزن أيضا فقال * (لا تخافي ولا تحزني) * القصص فهل كان ذلك لأن نبيه صلى الله عليه وآله عصى في حزنه فنهاه وكذلك أم موسى عليه السلام أم تقولون ان بين ما ذكرناه وبين حزن أبي بكر في الغار فرقا فاذكروه ليحصل به البيان (الجواب) قيل له قد أجاب شيخنا المفيد رضي الله عنه عن هذه المسألة بما أوضح به الفرق وأزاح العلة ونحن نورد مختصرا من القول فيها يكون فيه بيان وكفاية فنقول ان المعارضة بحزن النبي صلى الله عليه وآله ساقطة لأنه عندنا معصوم من الزلات مأمون منه جميع المعاصي والخطيئات فوجب ان يحمل قول الله تعالى له ولا تحزن عليهم على أجمل الوجوه والأقسام وأحسن المعاني في الكلام من تخفيف الهم عنه وتسهيل صعوبة الامر عليه رفقا به واكراما واجلالا واعظاما له ولم يكن أبو بكر عندنا وعند خصومنا معصوما فيؤمن منه وقوع الخطا ولا امارة أيضا تدعو إلى أن يكون
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»