كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٠٦
حسن دفاعه عن النبي صلى الله عليه وآله انه رأى في الغار ثقبا فيه حية فسده بعقبه وقاية للنبي صلى الله عليه وآله بنفسه فنهشته الحية في رجله فما كلامكم على ذلك فانا لا نرى سبيلا إلى دفعه (الجواب) فانا نقول لهذا الرجل ان عمدتك هذه واهية وجميعها دعا وكاذبة وذاك ان خروج أبي بكر مع النبي عليه السلام وان لم يدفع فإنه لا ينفعك فيما اعتمدت ولا يصح لصاحبك فيه فضل ما لم يثبت انه كان منه عن خالص نية للمطاوعة وقصد طلب لوجه الله عز وجل ورغبة في المثوبة على الهجرة والاجر ويظهر صحة ذلك ويتضح الحجة فيه فان الامر عندنا بخلاف ما تذهبون إليه ولسنا نسلم لكم ان اجتماعهما كان عن مواعدة ولا اتفاقهما في الخروج و كان عن متقدم موافقة ولا رغب رسول الله صلى الله عليه وآله قط في الانس به عند الصحبة وله عليه السلام من ملائكة الله وتأييدها وما في الانس به غنى وكفاية وانما كان سبب اجتماعهما ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما خرج من منزله مختفيا حسبما امره الله تعالى وكان ذلك ليلا مضى إلى منزل أم هاني أخت أمير المؤمنين فأقام عندها إلى وجه السحر ثم خرج في ذلك الوقت يطلب الغار فلقى أبا بكر في طريقه فعلم بحاله وقد كان في ذلك الوقت من جملة من أظهر الايمان به فاقتضى صحيح الرأي ان يأخذه النبي صلى الله عليه وآله احتياطا في ستر امره واحترازا من أن يخبر بحاله ولو لم يأخذه معه لم يا من المضرة من جهته فاما الحية التي بلى بها في الغار فلم يرد دليلا على أنه قصد الدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله ولا في ظاهر الحال أكثر من أن الحية نهشته والأظهر بحاله ان يكون ذلك عقوبة له على معصيته الواقعة منه في الغار لحزنه فقد بان لك ان المخالف إذا اعتمد في تفضيل أبي بكر على ما ذكرت فإنه قد اعتمد على دعا ولا يسلمه ند خصمه بل يعتقد خلافه في جميع ما يزعمه و (مبيت علي عليه السلام في فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليله الهجرة) اعلم أن الذي فدى رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه وجاد دونه بمهجته وفعل ما لا يسمح أحد بفعله مما تعجبت منه ملائكة الله في سمائه هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه والسلام وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما تعاقد المشركون على مبايتته وأجمعوا على قتله امره الله سبحانه بالخروج من ليلته لم ير أحد أسرع إلى طاعته و اصبر على الشدائد في مرضاته عن مرضاته من أمير المؤمنين عليه السلام فدعاه إليه واعلمه الخبر الذي وقف بالوحي عليه وان القوم قد اجمعوا امرهم على أن يهجموا عليه في حجرته ويقتلوه على فراشه وان الله سبحانه امره بالخروج إلى يثرب وقال له يا علي إذا صليت العشاء الآخرة فاضطجع على فراشي وتلف ببردتي
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»