كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٠٠
بل أظنك قبل ذلك من الهالكين وبئس الرأي رأي يورد أهله إلى المهالك ويمنيهم العطب إلى حين لات مناص وقد قذف بالحق على الباطل وظهر أمر الله وهم كارهون ولله الحجة البالغة والمنة الظاهرة والسلام (جواب أمير المؤمنين صلوات عليه وسلامه) من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فقد أتانا كتابك بتنويق المقال وضرب الأمثال وانتحال الأعمال تصف الحكمة ولست من أهلها وتذكر التقوى وأنت على ضدها قد اتبعت هواك فحاد بك عن طريق الحجة والحج بك عن سواء السبيل فأنت تسحب أذيال لذات الفتن وتحيط في زهرة الدنيا كأنك لست توقن بأوبة البعث ولا برجعة المنقلب قد عقدت التاج ولبست الخز وافترشت الديباج سنة هرقلية وملكا فارسيا ثم لم يقنعك ذلك حتى يبلغني انك تعقد الامر من بعدك لغيرك فيهلك دونك فتحاسب دونه ولعمري لئن فعلت ذلك فما ورثت الضلالة عن كلالة وانك لابن من كان يبغي على أهل الدين ويحسد المسلمين و ذكرت رحما عطفتك علي فاقسم بالله الأعز الاجل ان لو نازعك هذا الامر في حياتك من أنت تمهده له بعد وفاتك لقطعت حبله وابنت أسبابه وأما تهديدك لي بالمشارب الوبية والموارد المهلكة فانا عبد الله علي بن أبي طالب أبرز إلى صفحتك كلا ورب البيت ما أنت بابي عذر عند القتال ولا عند مناطحة الأبطال وكاني بك لو شهدت الحرب وقد قامت على ساق وكشرت عن منظر كريه والأرواح تختطف اختطاف البازي زغب القطا لصرت كالمولهة الحيرانة تضربها العبرة بالصدمة لا تعرف أعلى الوادي من أسفله فدع عنك ما لست من أهله فإن وقع الحسام غير تشقيق الكلام فكم عسكر قد شهدته وقرن نازلته اصطكاك قريش بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أنت وأبوك وهو أعلى من كمالي تبع وأنت اليوم تهددني فاقسم بالله ان لو تبدي الأيام عن صفحتك لنشب فيك مخلب ليث هصور لا يفوته فريسة بالمراوغة كيف و انى لك بذلك وأنت قعيدة بنت البكر المخدرة (المجدوة) يفزعها صوت الرعد وانا علي بن أبي طالب الذي لا أهدد بالقتال ولا أخوف بالنزال فإن شئت يا معاوية فأبرز والسلام فلما وصل هذا الجواب إلى معاوية ابن أبي سفيان جمع جماعة من أصحابه وفيهم عمرو بن العاص فقراه عليهم فقال له عمرو وقد أنصفك الرجل كم رجل أحسن في الله قد قتل
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»