شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٩
يحتمله ملك ولا نبي ولا مؤمن»: أن الملك لا يحتمله حتى يخرجه إلى ملك غيره والنبي لا يحتمله حتى يخرجه إلى نبي غيره والمؤمن لا يحتمله حتى يخرجه إلى مؤمن غيره، فهذا معنى قول جدي (عليه السلام).
* الشرح:
قوله (ما معنى قول الصادق (عليه السلام) حديثنا لا يحتمله ملك مقرب) لما كان ظاهر هذا الحديث أن حديث فضائلهم (عليهم السلام) لا يحتمله هؤلاء المقربون ولا يؤمنون به وهو باطل، سأله سائل عن محمل صحيح (1) له فأجاب (عليه السلام) بأن الغاية محذوفة ومعناه أنهم لا يحتملونه حتى يؤدونه ويخرجون

1 - قوله «و هو باطل سأله سائل عن محمل صحيح» الكلام ليس خاصا بفضائلهم (عليهم السلام) وليس عاما أيضا لجميع فضائلهم، بل في كل باب من أبواب الأصول أسرار، لا يحتملها إلا ملك مقرب... الخ.
أما مع كلمة إلا الاستثنائية بمعنى أن الملك المقرب والنبي المرسل والمؤمن الممتحن يحتملونه. وأما بحذف كلمة إلا بمعنى أن الملك المقرب أيضا لا يحتمله، والإشكال فيه على الحذف أنه إذا لم يحتمله هؤلاء فلا يحتمله غيره بالطريق الأولى، فما فائدة ذكر هذا الحديث و نقله وروايته إذا لم يحتمله أحد. الجواب عن الإشكال على ما نسب في هذه الرواية إلى الإمام (عليه السلام) أن المقصود ليس عدم احتمال الملك المقرب وغيره لهذا الحديث مطلقا بل يحتمله; ليوصل الحديث الصعب إلى غيره، وكان الشارح لم يرض بهذا الجواب وتمسك بالتسليم ورد علمه إليهم والحق أن الرواية ضعيفة والراوي مجهول، ولازم هذا الجواب أن الاحتمال بمعنى النقل والرواية، مع أن الظاهر بل صريح ما يأتي في الحديث الخامس أنه بمعنى القبول والإدراك، فإن صح حديث الحذف، كان المفاد أن الملك المقرب أيضا لا يدرك ولا يفهم حديثهم، فالوجه أن يحمل على ما لم يظهر منهم (عليهم السلام) أصلا لا ما نقل واشتهر وتداول من حديثهم ووجد بأيدي الناس إذ يخلو حينئذ نقله عن الفائدة.
وربما ينصرف ذهن الماديين والملاحدة من هذا الحديث إلى أن مسائل الإمامة وأمثالها من مسائل ما وراء الطبيعة التي ليس للإنسان قوة على دركها ولذلك هي صعب مستصعب وإنما الإنسان له قوة الحس فقط والحس لا يجاوز أجسام هذا العالم المادي. وفيه أن هذا غير مفهوم من هذا الحديث بل المستفاد منه أن بعض المسائل لغموضه مما لا يصل إليه ذهن أكثر أفراد الإنسان ولا ينافي ذلك وجود قوة على ادراك ما وراء الطبيعة بل تلك القوة هي الأمانة التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان، ثم إن هذا المعنى الخبيث الباطل لا يصح نسبته إلى الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) مع أن شأنهم صرف الأذهان إلى إدراك ما وراء الطبيعة والتفكر فيه وذم الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون، ومنع الناس عن القول بالتقليد ومتابعة الكبراء وأمرهم بالتدبر والتعقل في أدلة التوحيد والنبوة والمعاد، فلو كان مسائل ما بعد الطبيعة مما لا يصل إليه ذهن الإنسان بطل هذه كلها، والعجز عن البعض لا يوجب العجز عن الكل كما أن عجز البصر عن رؤية بعض الأشياء لا يوجب عجزه عن رؤية كلها ولو كان عجز العقل عن إدراك بعض المسائل العويصة الإلهية موجبا لإنكار قوة للإنسان يدرك بها الكليات المعقولة، كان عجزه عن إدراك بعض المبصرات موجبا لإنكار القوة الباصرة التي يدرك بها الجزئيات المبصرة والحق انه ليس بين مسائل ما وراء المادة والمسائل الطبيعة فرق أصلا والمادي يدق فطنته عن ادراك المسائل المادية العويصة، كما يدق عن مسائل ما بعد الطبيعة، ولذلك لا يعترفون بتناهي الأبعاد; لضعف عقلهم عن إدراكه، ولا بوجود الصورة النوعية النباتية والحيوانية، ويتحيرون في سر الحياة ولا يعلمون أن المادة أصل للقوى، أو القوى أصل للمادة، ولا يتعقلون أن المادة استعداد محض وأن القوة أعني مبدأ التأثير من جانب الصورة إلى غير ذلك. (ش)
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417