شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٠
(من المفعولات) بالفاء والعين، والظاهر أن «من» صلة للمبرم أو بيان له وجعلها بيانا للمعلومات بعيد (ذوات الأجسام) بيان للمفعولات أو بدل منه أي الذوات التي هي الأجسام (المدركات بالحواس) فالإضافة بيانية أو الذوات التي للأجسام، والإضافة لامية فيندرج حينئذ في الذوات العقول والنفوس مطلقا سواء كانت فلكية أو حيوانية (من ذوي لون وريح ووزن وكيل) بيان للأجسام والمراد بالوزن والكيل كون تلك الأجسام على مقدار مخصوص وحد معلوم (وما دب ودرج) عطف على ذوات الأجسام من باب عطف الخاص على العام، والدبيب والدروج المشي على الأرض والمراد هنا مطلق الحركة وإن كان في الهواء (من أنس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس) من أنواع الحيوان وأشخاصه (فلله تعالى فيه) أي في كل واحد من المعلوم والمشيء والمراد والمقدر والمذكور في قوله:
فالعلم بالمعلوم قبل كونه إلى آخره (البداء) أي الإرادة والقدرة على اختيار أحد الطرفين لمرجح أولا على اختلاف المذهبين (مما لا عين له) أي مما ليس له وجود في الأعيان، وهذا حال عن الضمير المجرور في قوله فيه (فإذا وقع العين المفهوم المدرك) بالحواس بعد القضاء بالإمضاء (فلا بداء) إذ لا تتعلق الإرادة والقدرة بإيجاد الموجود كما عرفت (والله يفعل ما يشاء) الظاهر أنه تأكيد لثبوت البداء له تعالى فيما ذكر ويحتمل أن يكون بيانا وتعليلا لعدم ثبوت البداء له في المفعولات العينية المدركة بالحواس; لأن المراد بالبداء هنا هو أن يفعل ما يشاء فعله وإيجاده، وهذا المعنى لا يمكن تحققه في شيء بعدما فعله وأوجده، نعم يمكن له أن يعدمه ويزيل وجوده لحكمة ومصلحة كما في النسخ وغيره، وهذا أيضا بداء ولكن المراد بالبداء المنفي هو البداء في إيجاد الموجود فليتأمل (فبالعلم) الذي هو نفس ذاته المقدسة (علم الأشياء قبل كونها) (1) أي قبل وجوداتها المتعاقبة

1 - قوله: «فبالعلم علم الأشياء قبل كونها» لا ريب أن الله تعالى ليس محلا للحوادث ولا يتجزى ذاته ولا مدخل للتركيب فيه وليس شيء من صفاته الذاتية حادثا وانما الحدوث والتقدم والتأخر في الإضافات وكذلك التكثر والتعدد فهو يعلم الجميع بعلم بسيط وعلمه إرادته، والفرق بين العلم والإرادة اعتباري إن جعلنا الإرادة من صفات الذات أو الإرادة نفس الفعل إن جعلناها من صفات الفعل، وقد سبق في المجلد الثالث الصفحة 344 باب في الإرادة. وعلى كل حال فهذا الترتيب والتقسيم في مراتب القضاء على ما ذكره الإمام (عليه السلام) بالنظر إلى الممكن المخلوق لا بالنسبة إلى الخالق والممكن يوجد أو لا يوجد والله تعالى عالم بذلك من الأزل وأيضا له ماهية وحد أي ذاتيات كالجنس والفصل. وثالثا له صفات وعوارض لذاته لكن خارجة عن ذاته كالألوان والطعوم. ورابعا أجل وأمد ومدة بقاء أعني له زمان وفي زمان وجوده قد يكون له قوت ورزق بدل ما يتحلل منه. وخامسا له مكان إن كان محسوسا: ومرتبة في الوجود إن كان معقولا. وسادسا له شرائط وأسباب وعلل يحتاج في وجوده إليها من المعدات وغيرها، والله تعالى يعلم جميع ذلك من ممكن معين وغيره من الممكنات بعلم بسيط إلا أن علمه بالنسبة إلى كل واحد من الستة المذكورة سمي باسم كما ذكره (عليه السلام) والتقدم والتأخر فيها بالنسبة إلى الممكن المخلوق لا إلى الخالق; لأن الوجود مقدم على الماهية على المذهب الحق من أصالة الوجود، والذاتيات مقدمة على العرضيات، والصفات اللازمة لذات الشيء مقدمة على ما يعرضه باعتبار ساير الأشياء كالزمان والمكان، واعتبار الذات وتعيينها أقدم من اعتبار علل وجودها فإنها أمور خارجة، فالنطق وقابلية العلم وصنعة الكتابة للانسان ووجود الأب والأم خارج عنه (ش).
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست