شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٢٥
الروحانيات وعالم الجسمانيات، فلو لم يكن وجودهم لم يكن وجود في عالم الإمكان فلم يكن عابد لله أصلا، أو المراد ما عبد الله في هذه الأمة; لأن العبادة لا يمكن إلا باتباع الشريعة والالتزام لأحكامها ولا يمكن ذلك إلا بمعرفتها ومعرفة كيفية العمل بها ولا يمكن ذلك إلا ببيان صاحب الشريعة والقائم بها وإرشاده وتعليمه، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة الإمام وحقية إمامته والتصديق بولايته ليقتدى به; لأن علمهم بالشرايع على أفضل المراتب وأكملها.
* الأصل:
6 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة ابن بزيع (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) فقال: إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه. فلذلك صاروا كذلك وليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه، لكن هذا معنى ما قال من ذلك وقد قال:
«من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها» وقال: (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) وقال: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك، وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك، ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما (2) لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوما ما، لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغير، وإذا دخله التغير لم يؤمن عليه الإبادة، ثم لم يعرف المكون من المكون، ولا القادر من المقدور عليه، ولا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم إن شاء الله تعالى.
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: فلما آسفونا) أي أغضبونا وأحزنونا حزنا شديدا يقال:
أسف عليه أسفا أي غضب وأسفه أي أغضبه والأسف. أشد الحزن (انتقمنا منهم) بإهلاكهم

1 - حمزة بن بزيع من أصحاب أبي الحسن موسى وابنه الرضا (عليهما السلام) على ما صرح به الشيخ في رجاله، وقيل:
واقفي ولم يدرك الصادق (عليه السلام) فلابد فيه من إرسال.
2 - في بعض النسخ [بأشباههما].
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست