شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٥٦
الجليل يراد به الله سبحانه، لأن العظمة المطلقة والرفعة الكاملة له، والظاهر بمعنى الواضح البين وقد يكون بمعنى الغالب كما في قوله تعالى (فأصبحوا ظاهرين) وهو على المعنيين إما صفة للجلال أي جلاله الواضح بشواهد كمال قدرته أو جلاله الغالب على جلال كل جليل لإطلاق عظمته وإما صفة للرب أي الرب الواضح وجوده بأعلامه الدالة على ربوبيته، أو الرب الغالب على الجبابرة في إجراء سطوته. (ونور الرب الباهر) (1) النور الضياء وهو ما ينكشف به الظلمات ويبصر

١ - قوله «ونور الرب الباهر» الباهر صفة النور ونور الرب هدايته لخلقه إلى مصالحها كما قال الشراح من العقول والنفوس وقواها ويهتدي بالنور وقال بعض المؤلفين إن «القول بالعقول لا يطابق أصول الإسلام» وهو غير صحيح وعلى كل حال فنوره هدايته قال الشيخ الصدوق (رحمه الله) إنه تعالى أجرى على نفسه هذا الاسم توسعا ومجازا لأن العقول دالة على أن الله عزوجل لا يجوز أن يكون نورا ولا ضياء ولا من جنس الأنوار والضياء وقال أيضا لو كان النور بمعنى الضياء لما جاز أن توجد الأرض مظلمة في وقت من الأوقات لا بالليل ولا بالنهار لأن الله هو نورها وضياؤها على تأويلهم وهو موجود غير معدوم فوجودنا الأرض مظلمة بالليل ووجودنا داخلها أيضا مظلما بالنهار يدل على أن تأويل قوله تعالى (الله نور السماوات) هو ما قاله الرضا (عليه السلام) انتهى ويجوز عند الصدوق (رحمه الله) اخراج اللفظ عن ظاهره وحمله على المعنى المجازي بدليل العقل وعلى كل حال فإذا فتشنا عن حال الحيوان والنبات وسائر الموجودات وجدناها تفعل أمورا يقصر فكرهم وشعورهم عن الاهتداء لوجهها كالنحل تصنع بيوتا مسدسة ويشكلها بوجه يصرف أقل مادة من الشمع لأكثر ما يمكن أن يسع والنمل والعناكب وغيرها يختار لمصالحها ما يقصر عن إدراكها عقول أعاظم الحكماء بنور الاهتداء الساري في جميع أفراد الموجودات كما هو مقرر في محله وقد أشير في القرآن إلى هذا الدليل في آيات كثيرة مثل قوله تعالى (ربي الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى). (ش)
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست