شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٦٠
* الشرح:
(محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)) وهو الجواد (1) (عليه السلام) (عن التوحيد) أي طريقه وسبيل معرفته (فقلت: أتوهم شيئا؟) أي أتوهم في حقه أنه شئ أو أتوهمه وأدركه من حيث أنه شئ وأصفه بالشيئية فشيئا على الأول مفعول وعلى الثاني تمييز، والمفعول محذوف، والفاء تفصيل للسؤال على الظاهر.
(فقال: نعم غير معقول ولا محدود) نعم تصديق وقع موقع الجملة أي توهمه وتصوره شيئا غير معقول بكنه ذاته المقدسة ولا بالحد المشتمل على الأجزاء التي هي بمنزلة المادة للحقيقة ولا بالصورة الذهنية المتصفة بالإمكان وكذلك توهمه وتصوره شيئا غير محدود بحدود عقلية أو حسية وهي حدوده التي يقف العقل عندها وأجزاؤه التي ينتهي التحليل إليها ونهاياته التي يعتبرها الوهم ويشير إليها، فإنك إذا توهمته وتصورته بما ذكر لم توحده وشبهته بخلقه وجعلت له شريكا أشار إليه بقوله (فما وقع وهمك عليه من شئ فهو خلافه) أي كل شئ وقع عليه وهمك وأشار إليه عقلك والعقل بالنظر إليه تعالى كالوهم في عدم إمكان تناولهما إياه فهو سبحانه غيره، لأن الإشارة الوهمية مستلزمة للوضع والهيئة والشكل والتحيز وكل ذلك على واجب الوجود محال والإشارة العقلية لا يخلو من الخلط بصفات الإمكان لأن النفس إذا توجهت إلى أمر معقول من عالم الغيب فلا بد أن يستتبع القوة الخيالية والوهمية للاستعانة بهما على إثبات المعنى المعقول وانضباطه فإذن يستحيل أن يشير العقل إلى شئ من المعاني الإلهية إلا بمشاركة من الوهم والخيال واستثبات حد أو هيئة أو كيفية أو صفات له وهو سبحانه منزه عن الكيفيات والصفات والحدود والهيئآت، فكان المشير إليه والمدعي لإصابته قاصدا في تلك الإشارة إلى ذي كيفية وحال ليس هو واجب الوجود ولو فرض تجردها عن أحكام الوهم والخيال فالصورة الحاصلة فيها موصوفة بحدود عقلية صرفة منعوتة بصفات الإمكان من جهات شتى فهو أيضا غيره تعالى (لا يشبهه شئ) في الذات والصفات لأن المشابهة بالممكن نقص والنقص عليه محال، ولأن المشابهة عبارة عن الاتفاق في الكيفية ولا كيفية له وأيضا لو وقعت المشابهة فما به التشابه إما نفس الحقيقة أو جزؤها أو خارج عنها فإن كان الأول كان ما به الامتياز عرضيا فيلزم احتياج الواجب

1 - قوله: «سألت أبا جعفر وهو الجواد (عليه السلام)» وزعم بعض المتظاهرين بالعلم أنه الباقر (عليه السلام) وهو غلط لأن عبد الرحمن بن أبي نجران متأخر عنه جدا وأبو نجران أبوه أدرك الصادق (عليه السلام) وكانت رحلة الصادق (عليه السلام) سنة 148 ورحلة الرضا (عليه السلام) سنة 203. (ش)
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست