شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٨
كمالهم وتكميل نظامهم في الدنيا والآخرة.
(وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون) (1) الذي لا يعلمه إلا هو ولا ينطق به الخلق أبدا حتى الأنبياء (عليهم السلام) وقد استأثره الله تعالى في علم الغيب ولم يأذن لأحد الاطلاع عليه، وهذا الاسم من جملة الاسم الأعظم الذي لا يرد سائله والاسم الأعظم كثير ففي حديث الراهب المذكور في مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) أنه سبعة وفي باب ما أعطى الأئمة (عليه السلام) من أسم الله الأعظم أنه ثلاثة وسبعون اسما قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا اعطي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه واحد». وقال أبو الحسن العسكري (عليه السلام): «اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا كان عند آصف حرف فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ثم انبسطت الأرض في أقل

1 - قوله «وهو الاسم المكنون المخزون» قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في وجه تربيع الأجزاء وكون واحد مخزونا عنده والثلاثة الباقية وظاهر الاسم الجامع هو الاسم الذي يدل على الذات مع جميع الصفات الكمالية ولما كانت أسماؤه تعالى ترجع إلى أربعة لأنها إما أن تدل على الذات أو الصفات الثبوتية الكمالية أو السلبية التنزيهية أو صفات الأفعال فجزى ذلك الاسم الجامع إلى أربعة أسماء جامعة واحد منهما للذات فقط فلما ذكرنا سابقا استبد تعالى به ولم يعطه خلقه وثلاثة منها متعلقة بالأنواع الثلاثة من الصفات فأعطاها خلقه ليعرفوه بها بوجه من الوجوه فهذه الثلاثة حجب ووسايط بين الخلق وبين هذا الاسم المكنون إذ بها يتوسلون إلى الذات وإلى الاسم المختص بها» انتهى كلامه. وهو مقتبس من كلام والده (قدس سره) كما يظهر من مطاوي كلامه.
وقال صدر المتألهين (قدس سره) وأما كونه على أربعة أجزاء ليس منها واحد قبل الآخر فاعلم أن تلك الأجزاء ليست أجزاء خارجية ولا مقدارية ولا حدية بل إنما هي معان واعتبارات ومفهومات أسماء وصفات فيمكن أن يقال بوجه أن المراد منها صفة الحياة والعلم والإرادة والقدرة فإن أول الصوادر سواء اعتبر عقلا أو وجودا منبسطا يصدق عليه أنه في عالم مريد قادر فهذه الأربعة هي أمهات الأسماء الإلهية وما سواها كلها مندرجة تحت هذه الأربعة ثلاثة منها مضافة إلى الخلق لأن العلم والإرادة والقدرة من الصفات الإضافية فهي طالبة لمعلوم ومراد ومقدور وواحد منها ليس كذلك وإليه أشار بقوله (عليه السلام) «فأظهر منها ثلاثة لفاقة الخلق إليها وحجب منها واحدة» انتهى.
وهذا أبين من كلام والد المجلسي (رحمه الله) فإنه بين أن فاقة الخلق إنما هي في الصفات الإضافية ثم أن الاسم الدال على الذات بغير اعتبار صفة لا يسمى في الاصطلاح اسما وعلى كلاهما مؤاخذة هو أن واحدا من الأسماء مكنون مخزون لا يعلمه أحد وكذا الاسم الجامع المشتمل على الأربعة فلا يصح التصريح بأن المكون هو اسم الحي أو لفظة «هو» كما صرح به المجلسي (رحمه الله) بعد ذلك.
ولعله يمكن تأويل كلامهما بوجه صحيح وقد صرحا (رحمهما الله) بأن ما يذكر أن في تفسير هذا الحديث ليس على وجه الحكومة والتسجيل وفي بعض أدعية عرفة «وأسألك باسمك المخزون في خزائنك الذي استأثرت به في علم الغيب عندك لم يظهر عليه أحد من خلقك لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد مصطفى». (ش)
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست