شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٧٥
(للأشياء فيه مدخل) يحتمل وجهين أحدهما أن يراد بالأشياء الإدراكات والكيفيات النفسانية مثل الرضا والسخط وغيرهما يعني أن حصول هذه الأشياء له بطريق دخولها فيه وتغييره من حال إلى حال، ولا ينافيه ذلك لأن وضعه وتركيبه على التغير والانقلاب، وثانيهما: أن يراد أن للأشياء المتغايرة في الصورة والكيفية التي يقتضي كل واحد منهما تغير الآخر وانكساره مدخلا في تحقق حقيقته وإذا كان كذلك فدخول الحالات والكيفيات فيه وتحريكه من حال إلى حال لا ينافيه في حقيقته وذاته.
(وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه) بأحد الوجهين المذكورين (لأنه واحد) لا تركيب فيه أصلا لا ذهنا ولا خارجا وهذا معنى الواحد كما عرفت آنفا (وأحدي الذات) ليس وجوده زايدا على ذاته والعطف دل على المغايرة، ويحتمل التفسير أيضا، ويؤيده ترك العطف في كتاب التوحيد للصدوق (رحمه الله) حيث قال فيه لأنه واحد أحدي الذات.
(وأحدي المعنى) ليست له صفات متكثرة متغايرة زايدة على ذاته ففي الأول إشارة إلى نفي الكثرة قبل الذات لعدم تركبه من الأجزاء وفي الثاني إشارة إلى نفي الكثرة في مرتبة الذات لكون وجود عين ذاته وفي الثالث إشارة إلى نفي الكثرة بعد مرتبة الذات لكون صفاته عين ذاته فهو الواحد المطلق الحق من كل جهة.
(فرضاه ثوابه) للمطيع (وسخطه عقابه) للعاصي، وقيل: رضاه إرادة ثوابه وسخطه إرادة عقابه.
وقال بعض العامة: رضاه علمه بطاعة العبد وسخطه علمه بعصيانه (من غير شئ يتداخله فيهيجه) أي يثيره ويحركه من هاجه الشيء أو من هيجه إذا أثاره.
(وينقله من حال إلى حال لأن ذلك من صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين) في ذواتهم إلى أجزاء وفي وجوداتهم إلى موجود وفي كمالاتهم إلى مداخلة وإنفعالات وأما الله القادر الخالق الغني المطلق فهو متنزه عن جميع ذلك ومتقدس عن التغير والانفعال والانتقال من حال إلى حال والحاصل أنه إذا نسب الرضا والسخط والحب والبغض والموالاة والمعاداة إلى الله سبحانه وجب تأويلها وصرفها إلى معنى يصح في حقه لأن نسبة معانيها المعروفة فينا إليه غير صحيحة إذ الرضا فينا حالة للنفس توجب تغيرها وانبساطها لإيصال النفع إلى الغير أو الانقياد لحكمه.
والسخط حالة أخرى توجب تغيرها وانقباضها وتحركها إلى إيقاع السوء به أو الإعراض عنه والمحبة حالة لها توجب ميلها إليه أو نفس هذا الميل والبغض حالة لها توجب الإعراض عنه وإيصال الضرر إليه وقريب منهما الموالاة والمعاداة وكل ذلك عليه سبحانه محال، فوجب التأويل والتأويل أن الرضا والمحبة والموالاة بمعنى الإثابة والإحسان وإيصال النفع، وأضدادها بمعنى
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست