شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٨
الإمكان، ولواحق الحركة التي هي من عوارض الجسم الذي يفعل بالآلة والتفكر ويحتاج في فعله إلى الحركة التي تشتد وتضعف والله سبحانه منزه عن جميع ذلك.
* الأصل:
8 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن حكيم قال: وصفت لأبي الحسن (عليه السلام) قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق ووصفت له قول هشام بن الحكم فقال: إن الله لا يشبهه شيء.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس عن محمد بن حكيم قال: وصفت لأبي الحسن (عليه السلام) قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق) فقد عرفت تفسيره سابقا (ووصفت له قول هشام بن الحكم) من أنه جسم.
(فقال: إن الله لا يشبهه شيء) (1) هذا من أوجز الكلام في تنزيه الواجب عما لا يليق به مثل

١ - قوله «إن الله لا يشبهه شيء» يمكن أن يكون دليلا نقليا في مقابلة أهل الظاهر المتمسكين ببعض الاخبار في تجسيم الواجب تعالى وبيانه أنه لو كان جسما كان شبيها بخلقه وقد نص الكتاب على أنه ليس كمثله شيء، فإن قالوا نحن أيضا نقول هو جسم لا كالأجسام ونعترف بأنه ليس كمثله شيء؟ قلنا هذا الكلام مشتمل على التناقض إذ لو كان جسما كان له مثل.
ويمكن أن يكون دليلا عقليا بأنه لو كان جسما كان شبيها بمخلوقاته وهذا محال لأن وجه الشبه صفة مشتركة بينه وبين خلقه البتة فيلزم تركيب ذاته مما به الاشتراك وما به الامتياز، فإن قيل ما تقول في سائر الصفات المشتركة كالعلم والقدرة؟ قلنا هذه الصفات مشتركة في المفهوم فقط كالوجود لا في الحقيقة وأما الجسمية عند أهل التجسيم فهو حقيقة فينا وحقيقة في الباري تعالى والاشتراك في الحقيقة لا في صرف المفهوم وننقل هنا متن كتاب الإشارات في نفي الجسمية عنه تعالى وفي عدم شبيه له أصلا وعلى القارئين تطبيق ما قاله الشيخ على ما ورد في الأحاديث ولا اختلاف بينهما في المعنى، قال الشيخ: كل متعلق الوجود بالجسم المحسوس يجب به لا بذاته وكل جسم محسوس فهو متكثر بالقسمة الكمية وبالقسمة المعنوية إلى هيولى وصورة وكل جسم محسوس فنجد جسما آخر من نوعه أو من غير نوعه إلا باعتبار جسميته فكل جسم محسوس وكل متعلق به معلول.
وقال أيضا: واجب الوجود لا يشارك شيئا من الأشياء في ماهية ذلك الشيء لأن كل ماهية لما سواه مقتضية لإمكان الوجود وأما الوجود فليس بماهية لشيء ولا جزء من ماهية شيء أعني الأشياء التي لها ماهية لا يدخل الوجود في مفهومها بل هو طار عليها فواجب الوجود لا يشارك شيئا من الأشياء في معنى جنسي ولا نوعي فلا يحتاج إلى أن ينفصل عنها بمعنى فصلي أو عرضي بل هو منفصل بذاته. انتهى كلامه.
وبقى في هذه المسألة غموض وهو أن المنقول عن هشام بن الحكم القول بالجسم وعن ابن سالم القول بالصورة ويدل النقل على أن القولين مختلفان كما مر «أن أصحابنا اختلفوا في التوحيد منهم من يقول: إنه جسم ومنهم من يقول صورة» ولا ندري ما أرادوا بالصورة في مقابل الجسم وروى أن القائل بالصورة قال: بالشاب الموفق.
وقال: بأنه أجوف إلى السرة والباقي صمد وهل الشاب الموفق الأجسم والأجوف كذلك، فلعل القائل بالجسم قال بالجسم المادي والقائل بالصورة بالجسم المثالي ولا ينافيه وصفه بالشاب والأجوف إذ اطلق على الأجسام المثالية أمثال ذلك قال تعالى (إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف) وقال (رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) وقال (إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه) ولكن لا فائدة في تحقيق القولين مع أن النسبة غير ثابتة. (ش)
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست