شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٣
في الأزل، قلنا إنه تعالى سميع وبصير في الأزل بمعنى أنه كان على وجه إذ أوجد المسموع والمبصر لأدركهما عند وجودهما.
أقول كل واحد من السؤال والجواب ليس بشيء أما السؤال فلأن السمع والبصر عبارة عن العلم والعلم بالشيء غير متوقف على وجوده. وقد يتحقق ذلك في أفراد البشر فكيف الباري الذي لا يخفى عليه شيء، وأما الجواب فلأن فيه اعترافا في الحقيقة بورود السؤال وأنه تعالى لا يدرك المسموع والمبصر قبل وجودهما وإشعارا بأن فيه جل شأنه استعدادا لحصول العلم والإدراك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(والقدرة ذاته ولا مقدور) لأنه تعالى كان في الأزل قادرا على الإيجاد في لا يزال (1) ولأن القادر هو الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، وهذا أمر متحقق له في الأزل قبل وجود المقدور، وقد ظهر مما قرر أن هذه الصفات أزلية وأما أنها نفس ذاته المقدسة فلأنها لو كانت زائدة عليها فإن كانت

1 - قوله «كان في الأزل قادرا على الإيجاد في لا يزال» هذا الذي ذكره الشارح راجع إلى القادر بالقوة والاستعداد الذي زيفه بالنسبة إلى السمع والبصر كما أن أحدا منا قادر بالقوة والاستعداد على الكتابة والصنعة وإن لم نكتب بالفعل ولم نصنع بالفعل ومثله رازق ولا مرزوق وخالق ولا مخلوق وهو بعيد بل الظاهر أن المراد أنه القادر بالفعل وحين لا مقدور كما أنه العالم حين لا معلوم والسميع حين لا مسموع والبصير حين لا مبصر كذلك ومرجع الجميع إلى ربط الحادث بالقديم والأشكال المختلج في ذهن الانسان هنا هو الأشكال المعروف في مسألة ربط الحادث بالقديم وتأخر الحادثات عن أزليته مع كونه تعالى علة تامة ولا يحل الخوض فيه إلا للعقول الخالية عن شوائب الأوهام وعلى ساير الناس الإقرار بما ورد عن الأئمة المعصومين وتفويض معناه إليهم (عليهم السلام) وما ذكرناه في السمع والبصر كاف هنا قال صدر أهل التحقيق في الأمة وشارح غوامض أسرار الأئمة (عليهم السلام).
هذا المقصد في غاية الغموض والدقة فإن العلم والقدرة والسمع والبصر من الصفات الحقيقية التي يلزمها الإضافة وقد علمت أن إضافاته تعالى كلها راجعة إلى إضافة القيومية فكيف يتصور علم ولا معلوم وقدرة ولا مقدور وسمع وبصر ولا مسموع ولا مبصر وقيوم ولا متقوم به وهذه مسألة ربط الحادث بالقديم انتهى.
وحله بما ذكر في محله (ش)
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست