شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٦
(عالم سميع بصير قادر متكلم ناطق) كأنه أراد بذلك أنه سميع بذاته وبصير بذاته وهكذا (والكلام والقدرة والعلم يجري مجرى واحد) في أنها نفس الذات (ليس شيء منها مخلوقا) فالكلام عند غير مخلوق لكونه عين الذات مثل العلم والقدرة.
(فقال: قاتله الله) كناية عن مقته وإبعاده عن الرحمة (أما علم أن الجسم محدود) بحدود ونهايات وأطراف وغايات (1) وأقطار وكيفيات وبأجزاء وتركيب وأوضاع وتأليف وصور وترصيف وكل ما هذا شأنه فهو ممكن مفتقر إلى الغير من جهات شتى، والله سبحانه هو الغني المطلق لا يفتقر إلى شيء أصلا.
(والكلام غير المتكلم) (2) عطف على الجسم اه. يعني أما علم أن الكلام غير المتكلم بالضرورة ليعلم قبح ما ذهب إليه من أنه عين ذاته كالعلم والقدرة وأنه غير مخلوق مثلهما (معاذ الله) يقال عذت بفلان واستعذت به أي لجأت إليه، وهو عياذي أي ملجائي، وقولهم معاذ تقديره أعوذ بالله معاذا فهو مصدر مضاف مثل سبحان الله.
(وأبرء إلى الله من هذا القول) ومن دان به، لكون فحشا عظيما على الله سبحانه، وربما يتوهم أن فيه مدح هشام حيث قال (عليه السلام): أبرء من هذا القول ولم يقل أبرء من هذا القائل للتنبيه على أنه نسب إليه هذا القول وهو ليس بقائل به (3) وهذا التوهم مدفوع بأنه ينافي قوله «قاتله الله» والتوبيخ

١ - قوله «بحدود ونهايات وأطراف وغايات» ألفاظ مترادفة وقوله: كيفيات يدل على أن الجسم يتأثر بقبول الكيف وقوله: بأجزاء وتركيب يدل على احتياجه لتركبه إلى الأجزاء وقوله: أوضاع يدل على احتياجه إلى المكان وقوله: تأليف وصورة توصيف يدل على نسب بعض أجزائه إلى بعض وجميع هذه الأمور تدل على الافتقار إذ كل ما ذكر من هذه الأمور لها أقسام وأنواع وأفراد مختلفة لا يمكن أن يجتمع في جسم واحد جميعها وليس بعضها أولى له من بعض فلا بد أن يكون ثبوت واحد من هذه المقادير والكيفيات الغير المتناهية بعلة وليس الواجب معلولا ثم أن هذا يدل على أن علة احتياج الممكن إلى الفاعل إمكانه لا حدوثه ولا يجب الفاصلة الزمانية بين العلة والمعلول إذ لا فاصلة بين المركب وأجزائه أي الصورة والمادة فإذا حصل المادة والصورة حصل المركب من غير فاصلة زمانية ومع ذلك المركب مفتقر إلى الأجزاء وكذلك الحصول في المكان والتكيف بكيف معين غير منفصل زمانا عن الجسم ومع فرض كونه واجب الوجود كان قديما مع كيفه ومكانه وهو محتاج فالقديم بالزمان لا ينافي إمكان الوجود فليكن هذا في ذكرك. (ش) ٢ - قوله «والكلام غير المتكلم» فلا يمكن أن يكون من صفات الذات لأن صفات الذات عين الذات وخالفت الأشاعرة فجعلوا الكلام من الصفات القديمة كالعلم والقدرة. وبيان بطلانه وأنه غير معقول مبسوط في الكتب الكلامية. (ش) ٣ - قوله «وهو ليس بقائل به» هذا مذهب الشارح بعينه إذ قد مر منه في صدر الباب أن ما نسب من التجسيم إلى هشام بن الحكم غير ثابت بل غير صحيح لكنه أراد هنا المناقشة في العبارة فقط وفي المقام كلام آخر نبه عليه فيما مضى وهو أن القول قد يكون مقدوحا من غير قدح في قاتله وربما يكون الرجل غير قائل بجسميته تعالى حقيقة بل يعبر بلفظ الجسم مريدا به الموجود المستقل كما حمل عليه المجلسي (رحمه الله) كلام الهشامين وحينئذ فالقدح في قوله لا في قائله نظير من قال: له ماهية. ولم يرد الماهية المصطلحة ومن قال أنه تعالى مستطيع وسخي بدل أن يقول قادر وجواد، أو عارف بدل أن يقول عالم وهكذا. (ش)
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست