شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٦٣
أخذتم به من أقوال ذلك العالم تسليما له وقبولا لقوله جاز لكم العمل به، وهذا التكلف بعينه من غير تفاوت أشار إليه ذلك القائل وهو أعلم بما قال وبما حداه على ذلك.
(وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سألت) من الكتاب الكافي الشامل لجميع فنون علم الدين (وأرجو أن يكون بحيث توخيت) أي تحريت وقصدت فمهما كان فيه من تقصير في الجمع والتأليف وذكر ما يحتاج إليه (فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة) التقصير في الأمر التواني فيه وعدم الاتيان به على وجه الكمال والاهداء الابلاغ والإرسال. والنصيحة فعل شئ الذي به الصلاح كارشاد الجاهل وتنبيه الغافل والإعانة على مصالح الدنيا والدين، يعني لو كان فيه تقصير ما لم يكن ذلك لقصور في النية وتوانيها بل بالغت في إبلاغ النصيحة بقدر الوسع والطاقة (إذ كانت) أي النصيحة (واجبة لإخواننا وأهل ملتنا) لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) «لينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه» (1) وقول الصادق (عليه السلام): «يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة» (2) (مع ما رجونا) «ما» مصدرية والظرف حال من فاعل أرجو يعني أن ذلك الرجاء مقرون مع رجاء (أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه) أي استفاد منه علما وهداية (وعمل بما فيه) من الأحكام (في دهرنا) متعلق باقتبس وعمل أو حال عن فاعلهما (وفي غابره) الغابر الماضي والمستقبل وهو من الأضداد والمراد هنا الثاني (إلى انقضاء الدنيا) متعلق بالغابر وغاية للاقتباس والعمل فلا ينافي رجاء مشاركة الثواب في الآخرة ولم يذكره لأنه تابع لذلك الرجاء; ثم علل بقاء الاقتباس والعمل إلى انقضاء الدنيا بثلاثة أمور، الأول: ما أشار إليه بقوله (إذ الرب عز وجل واحد) لا شريك له فلا يتطرق التغير في تدبيره من جهة الشركة والتنازع، والثاني: ما أشار إليه بقوله (والرسول محمد خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) واحد) لا شريك له في تبليغ الرسالة فلا يتصور فساد الدين من جهة الشركة في الرسالة أيضا.
والثالث: ما أشار إليه بقوله (والشريعة واحدة) إذ لا نبي بعده ولا شريعة بعد شريعته فلا يتصور زوال الدين من جهة النسخ أيضا، وبالجملة زوال الدين إما من جهة التنازع التابع للشركة في الرب أو في الرسول أو من جهة النسخ وإذا انتفت هذه الأمور بقي الدين إلى قيام الساعة كما أشار بقوله (وحلال محمد حلال، وحرامه حرام إلى يوم القيامة) فإذن كان الاقتباس والعمل بما في هذا الكتاب المشتمل على حلاله وحرامه باقيا إلى يوم القيامة (ووسعنا قليلا) التوسيع خلاف التضييق، تقول وسعت الشئ فاتسع أي صار واسعا و «قليلا» منصوب على المصدر أي توسيعا قليلا (كتاب الحجة) وهو الكتاب الثالث (3) من كتب الكافي سمي به لاشتماله على بيان لزوم الحجة وعدم خلو

1 - ورواه الكليني - رحمه الله - في باب نصيحة المؤمن من كتاب الايمان والكفر من الكافي تحت رقم 4.
2 - رواه الكليني - رحمه الله - أيضا في الباب المذكور تحت رقم 3.
3 - هذا سهو من الشارح أو تصحيف من النساخ فإن كتاب الحجة هو الكتاب الرابع من الكافي.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست