حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٧٣٧
فقد اختلف التصحيح في القارئ، وعند أبي يوسف: يرد بعد الفراغ أو عند تمام الآية. وفي الاختيار: وإذا جلس القاضي ناحية من المسجد للحكم لا يسلم على الخصوم، ولا يسلمون عليه، لأنه جلس للحكم والسلام تحية الزائرين، فينبغي أن يشتغل بما جلس لأجله، وإن سلموا لا يجب عليه الرد. وعلى هذا من جلس يفقه تلامذته ويقرئهم القرآن فدخل عليه داخل فسلم وسعه أن لا يرد لأنه إنما جلس للتعليم لا لرد السلام اه‍. قوله: (بجزم الميم) الأولى بسكون الميم. قال ط: وكأن عدم الوجوب لمخالفته السنة التي جاءت بالتركيب العربي، ومثله فيما يظهر الجمع بين أل والتنوين اه‍.
وظاهر تقييده بجزم الميم أنه لو نون المجرد من أل كما هو تحية الملائكة لأهل الجنة يجب الرد، فيكون له صيغتان، وهو ظاهر ما قدمناه سابقا عن التاترخانية. ثم رأيت في الظهيرية: ولفظ السلام في المواضع كلها: السلا عليكم أو سلام عليكم بالتنوين، وبدون هذين كما يقول الجهال لا يكون سلاما. قال في الشرنبلالي في رسالته في المصافحة: ولا يبتدئ بقوله عليك السلام، ولا بعليكم السلام لما في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة عن جابر بن سليم رضي الله تعالى عنه. قال: أتيت رسول الله (ص) فقلت: عليك السلام يا رسول الله، قال: لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ويؤخذ منه أنه لا يجب الرد على المبتدئ بهذه الصيغة، فإنه ما ذكر فيه أنه عليه الصلاة والسلام رد السلام عليه بل نهاه، وهو أحد احتمالات ثلاثة ذكرها النووي، فيترجح كونه ليس سلاما، وإلا لرد عليه ثم علمه كما رد على المسئ صلاته ثم علمه، ولو زاد واوا فابتدأ بقوله: وعليكم السلام لا يستحق جوابا، لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء فلم يكن سلاما. قاله المتولي من أئمة الشافعية اه‍.
قلت: وفي التاترخانية عن الفقيه أبي جعفر: أن بعض أصحاب أبي يوسف كان إذا مر بالسوق يقول: سلام الله عليكم، فقيل له في ذلك، فقال: التسليم تحية وإجابتها فرض، فإذا لم يجيبوني وجب الامر بالمعروف فأما سلام الله عليكم فدعاء فلا يلزمهم ولا يلزمني شئ، فاختاره لهذا اه‍.
قلت: فهذا مع ما مر يفيد اختصاص وجوب الرد بما إذا ابتدأ بلفظ السلام عليكم أو سلام عليكم، وقدمنا أن للمجيب أن يقول في الصورتين سلام عليكم، أو السلام عليكم، ومفاده أن ما صلح للابتداء صلح للجواب، ولكن علمت ما هو الأفضل فيهما.
تتمة: قال في التاترخانية: ويسلم الذي يأتيك من خلفك ويسلم الماشي على القاعد، والراكب على الماشي، والصغير على الكبير، وإذا التقيا فأفضلهما يسبقهما، فإن سلما معا يرد كل واحد.
وقال الحسن: يبتدئ الأقل بالأكثر اه‍. وفيها: السلام سنة، ويفترض على الراكب المار بالراجل في طريق عام أو في المفازة للأمانة اه‍. وفي البزازية: ويسلم الآتي من المصر على من يستقبله من القرى، وقيل: يسلم القروي على المصري اه‍. وفي تبيين المحارم قال النووي: هذا الأدب هو فيما إذا التقيا في طريق، أما إذا ورد على قعود فإن الوارد يبدأ بالسلام بكل حال، سواء كان صغيرا أو كبيرا أو قليلا أو كثيرا. كذا في الطبراني اه‍. قال ط: والقواعد توافقه. واختلفوا في أيهما أفضل أجرا: قيل الراد، وقيل المسلم. محيط. وإن سلم ثانيا في مجلس واحد لا يجب رد الثاني. تاترخانية.
وفيها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله (ص): إذا أتيتم المجلس فسلموا على القوم، وإذا رجعتم فسلموا عليهم، فإن التسليم عند الرجوع أفضل من التسليم الأول. قوله: (وعلى
(٧٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 732 733 734 735 736 737 738 739 740 741 742 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754