البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٣٧
اليمين تناول بعض المحلوف عليه فلا يحنث بخلاف ما إذا أوصى بعنب ثم صار زبيبا ثم مات الموصي بطلت الوصية. والفرق أن الرطب والتمر صنف واحد لقلة التفاوت بينهما بخلاف العنب والزبيب فإنه تبديل وهلاك، كذا في غاية البيان. قوله: (لا يأكل بسرا فأكل رطبا لا يحنث) لأنه ليس ببسر كما لو حلف لا يأكل عنبا فأكل زبيبا. قيد به لأنه لو حلف لا يأكل جوزا فأكل منه رطبا أو يابسا، وكذلك اللوز والفستق والبندق والتين وأشباه ذلك لأن الاسم يتناول الرطب واليابس جميعا، كذا في البدائع.
قوله: (وفي لا يأكل رطبا أو بسرا أو لا يأكل رطبا ولا بسرا حنث بالمذنب) وهو بكسر النون كما في المغرب. يقال بسر مذنب وقد ذنب إذا بدا الارطاب من قبل ذنبه وهو ما سفل من جانب القمع والعلاقة. وأما الرطب فهو ما أدرك من تمر النخل الواحدة رطبة، فالرطب المذنب هو الذي أكثره رطب وشئ قليل منه بسر، والبسر المذنب عكسه. وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: لا يحنث في الرطب بالبسر المذنب ولا في البسر بالرطب المذنب لأن الرطب المذنب يسمى رطبا والبسر المذنب يسمى بسرا وصار كما إذا كانت اليمين على الشراء. وله أن الرطب المذنب ما يكون في ذنبه قليل بسر والبسر المذنب على عكسه فصار أكله أكل البسر والرطب، وكل واحد مقصود في الاكل بخلاف الشراء فإنه يصادف الجملة فيتبع القليل فيه الكثير، وفي أكثر الكتب المعتبرة أن محمدا مع أبي حنيفة. وحاصل المسائل أربع: وفاقيتان وخلافيتان، فالوفاقيتان ما إذا حلف لا يأكل رطبا فأكل رطبا مذنبا، وما إذا حلف لا يأكل بسرا فأكل بسرا مذنبا فيحنث فيهما اتفاقا. والخلافيتان ما إذا حلف لا يأكل رطبا فأكل بسرا مذنبا، وما إذا حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا مذنبا فإنه يحنث عندهما خلا والآبي يوسف.
قوله: (ولا يحنث بشراء كباسة بسر فيها رطب في لا يشتري رطبا) أي لو حلف لا يشتري رطبا فاشترى كباسة بسر فيها رطب لم يحنث لأن الشراء يصادف جملته والمغلوب تابع، ولو كان اليمين على الاكل يحنث لأن الاكل يصادفه شيئا فشيئا فكان كل واحد منهما مقصودا، وصار كما إذا حلف لا يشتري شعير أو لا يأكل فاشترى حنطة فيها حبات شعيرا أو أكلها يحنث في الاكل دون الشراء لما قدمنا قال في الخانية: لو حلف لا يشتري ألية فاشترى شاة مذبوحة كان حانثا، وكذا إذا حلف لا يشتري رأسا. والكباسة - بكسر الكاف - عنقود النخل والجمع كبائس. قال في التبيين: بخلاف ما إذا عقد يمينه على المس حيث يحنث في الوجوه كلها لأن المس فيها متصور حقيقة واسم المحلوف عليه باق بخلاف ما إذا حلف لا يمس قطنا أو كتانا فمس ثوبا اتخذ منه حيث لا يحنث لزوال اسم القطن والكتان عنه فصار كمن حلف لا يأكل سمنا أو زبدا أو لا يمسه فأكل لبنا أو مسه. قوله: (وبسمك في لا يأكل لحما) أي
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»
الفهرست