البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٣٥
لبنا فيتقيد به فإذا حلف لا يأكل هذا البسر فأكله بعدما صار رطبا أو حلف لا يأكل هذا الرطب فأكله بعد ما صار تمرا يعني يابسا وهو بالتاء المثناة، أو حلف لا يأكل هذا اللبن فأكله بعدما صار شيرازا أي رائبا وهو الخائر إذا استخرج ماؤه فإنه لا يحنث في هذه المسائل الثلاث بخلاف ما إذا حلف لا يكلم هذا الصبي أو الشاب فكلمه بعد ما شاخ فإنه يحنث لأن هجران المسلم بمنع الكلام منهي عنه فلم يعتبر الداعي في الشرع، ولان صفة الصبا داعية إلى المرحمة لا إلى الهجران فلا تعتبر وتتعلق اليمين بالإشارة. وكذا لو حلف لا يأكل هذا الحمل - بفتحتين ولد الشاة - فأكله بعد ما صار كبشا فإنه يحنث لأن صفة الصغر في هذا ليست داعية إلى اليمين فإن الممتنع عنه أكثر امتناعا عن لحم الكبش. والأصل أن المحلوف عليه إذا كان بصفة داعية إلى اليمين تقيد به في المعرف والمنكر فإن زالت زال اليمين عنه وما لا يصلح داعية اعتبر في المنكر دون المعرف. قيد بقوله عين لأنه لو نكر فسيأتي. وقيد بهذا الصبي لأنه لو حلف لا يكلم صبيا فكلم بالغا لا يحنث لأنه صار مقصودا بالحلف لكونه هو المعرف للمحلوف عليه فيجب تقييد اليمين به وإن كان حراما، كذا في الكشف الكبير. فالصبي من لم يبلغ وكذا الغلام فإذا بلغ فهو شاب وفتى إلى ثلاثين سنة أو ثلاث وثلاثين على الاختلاف فهو كهل إلى خمسين سنة فهو شيخ كما في الذخيرة. وأشار المصنف إلى أنه لو حلف لا يأكل هذا العنب فصار زبيبا أو لا يأكل هذا اللبن فصار جبنا أو حلف لا يأكل من هذه البيضة فأكل من فراريجها أو لا يذوق من هذا الخمر فصار خلا أو حلف لا يأكل من زهرة هذه الشجرة فأكل بعد ما صار لوزا أو مشمشا فإنه لا يحنث بخلاف ما إذا حلف لا يأكل تمرا فأكل حيسا فإنه يحنث لأنه تمر مفتت فإن التمر بجميع أجزائه قائم إذ تفرقت أجزاؤه لا غير، كذا في المحيط. وفسر الحيس في البدائع بأنه اسم لتمر ينقع في اللبن ويتشرب فيه اللبن، وقيل هو طعام يتخذ من تمر ويضم إليه شئ من السمن أو غيره، والغالب هو التمر فكان أجزاء التمر بحالها فيبقى الاسم اه‍. والكلام ليس بقيد في مسألتي الصبي لأنه لو حلف لا يجامع هذه الصبية فجامعها بعد ما صارت كبيرة يحنث كما في البدائع. ولو حلف لا يأكل من هذه الجدحة فأكلها بعد ما صارت بطيخا لا رواية فيه، واختلف المشايخ فيه، كذا في البدائع أيضا. وفيها أيضا: إذا نوى في الفصول المتقدمة ما يوجب الحنث حنث لأنه شدد على نفسه.
ثم اعلم أن الأصل فيما إذا حلف لا يأكل معينا فأكل بعضه إن كان يأكله الرجل في مجلس أو يشربه في شربة فالحلف على جميعه، ولا يحنث بأكل بعضه لأن المقصود الامتناع عن أكله وكل شئ لا يطاق أكله في المجلس ولا شربه في شربة يحنث بأكل بعضه لأن المقصود من اليمين الامتناع عن أصله لا عن جميعه، فلو حلف لا يأكل من ثمر هذا البستان أو من تمرها تين النخلتين أو من هذين الرغيفين أو من لبن هاتين الشاتين أو من هذا الغنم أو لا
(٥٣٥)
مفاتيح البحث: الأكل (12)، الطعام (1)، التمر (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 ... » »»
الفهرست