البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٣٤
الكافي. ولذا قال في الظهيرية: لو حلف لا يذوق في منزل فلان طعاما ولا شرابا فذاق فيه شيئا أدخله في فيه ولم يصل إلى جوفه حنث ويمينه على الذوق حقيقة إلا أن يكون تقدمه كلام. وبيان ذلك أن يقول له غيره تعالى تغد عندي اليوم فحلف لا يذوق في منزله طعاما ولا شرابا فهذا على الأكل والشرب. وعن محمد فيمن حلف لا يذوق الماء فتمضمض للصلاة لا يحنث لأن هذا لا يراد بذكر الذوق اه‍. وفي المحيط: حلف لا يأكل ولا يشرب فذاق لا يحنث، ولو حلف لا يذوق فأكل أو شرب حنث لأن في الأكل والشرب ذوقا وزيادة اه‍.
وسيأتي بيان اللبس والكلام إن شاء الله تعالى.
قوله: (لا يأكل من هذه النخلة حنث بثمرها) لأنه أضاف اليمين إلى ما لا يؤكل فينصرف إلى ما يخرج منه لأنه سبب له فيصلح مجازا عنه. والثمر بالمثلثة ما يخرج منها فيحنث بالجمار والبسر والرطب والتمر والطلع والدبس الخارج من ثمرها. والجمار رأس النخلة وهي شئ أبيض لين، والطلع ما يطلع من النخل وهو الكم قبل أن ينشق ويقال لما يبدو من الكم طلع أيضا وهو شئ أبيض يشبه بلونه الأسنان وبرائحته المني، كذا في المغرب. وقيد بالثمر لأنه لا يحنث بما تغير بصفة حادثة فلا يحنث بالنبيذ والناطف والدبس المطبوخ والخل لأنه مضاف إلى فعل حادث فلم يبق مضافا إلى الشجر. ويحنث بالعصير لأنه لم يتغير بصنعة جديدة ولو لم يكن للشجرة ثمرة ينصرف اليمين إلى ثمنها فيحنث إذا اشترى به مأكولا وأكله. وأشار بقوله بثمرها إلى أنه لو قطع غصنا منها فوصله بشجرة أخرى فأكل من ثمر تلك الشجرة من هذا الغصن أنه لا يحنث، وقال بعضهم: يحنث. وإلى أنه لو تكلف وأكل من عين النخلة لا يحنث قالوا: وهو الصحيح، كذا في المحيط. وأشار بالنخلة إلى كل ما لا يؤكل عينه. فلو حلف لا يأكل من هذا الكرم فهو على عنبه وحصرمه وزبيبة وعصيره - وفي بعض المواضع - ودبسه والمراد عصيره فإنه ماء العنب وهو ما يخرج بلا صنع عند انتهاء نضج العنب. وقيد بما لا يؤكل عينه لأنه ولو حلف لا يأكل من هذه الشاة فإنه يحنث باللحم خاصة ولا يحنث باللبن والزبد لأنها مأكولة فينعقد اليمين عليها. وكذا لو حلف لا يأكل من هذا العنب فإنه لا يحنث بزبيبه وعصيره لأن حقيقته ليست مهجورة فيتعلق الحلف بمسمى العنب. وأطلق المصنف ولم يقيد بالنية للإشارة إلى أنه عند عدمها، فلو نوى أكل عينها لم يحنث بأكل ما يخرج منها لأنه نوى حقيقة كلامه، كذا في المحيط. وينبغي أن لا يصدق قضاء لأن المجاز صار متعينا ظاهرا فإذا نوى بخلاف الظاهر لا يقبل وإن كان حقيقة وله شواهد كثيرة.
قوله: (ولو عين البسر والرطب واللبن لا يحنث برطبه وتمره وشيرازه بخلاف هذا الصبي وهذا الشاب وهذا الحمل) لأن صفة الرطوبة والبسورة داعية إلى اليمين، وكذا كونه
(٥٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 ... » »»
الفهرست