البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٤٤
أنه يسن المكان العالي في أذان المغرب أيضا كما سيأتي. وفي السراج الوهاج: وينبغي للمؤذن أن يؤذن في موضع يكون أسمع للجيران، ويرفع صوته ولا يجهد نفسه لأنه يتضرر بذلك. وفي الخلاصة: ولا يؤذن في المسجد. وفي الظهيرية: وولاية الأذان والإقامة لمن بنى المسجد وإن كان فاسقا والقوم كارهون له، وكذا الإمامة إلا أن هاهنا استثنى الفاسق اه‍. يعني في الإمامة.
قوله (سن للفرائض) أي سن الاذان للصلوات الخمس والجمعة سنة مؤكدة قوية قريبة من الواجب حتى أطلق بعضهم عليه الوجوب، ولهذا قال محمد: لو اجتمع أهل بلد على تكره قاتلناهم عليه. وعند أبي يوسف يحبسون ويضربون وهو يدل على تأكده لا على وجوبه لأن المقاتلة لما يلزم من الاجتماع على تركه من استخفافهم بالدين بخفض أعلامه لأن الاذان من أعلام الدين كذلك. واختار في فتح القدير وجوبه لأن عدم الترك مرة دليل الوجوب ولا يظهر كونه على الكفاية وإلا لم يأثم أهل بلدة بالاجتماع على تركه إذا قام به غيرهم ولم يضربوا ولم يحبسوا، واستشهد على ذلك بما في معراج الدراية عن أبي حنيفة وأبي يوسف صلوا في الحضر الظهر أو العصر بلا أذان ولا إقامة أخطأوا السنة وأثموا اه‍. والجواب أن المواظبة المقرونة بعدم الترك مرة لما اقترنت بعدم الانكار على من لم يفعله كانت دليل السنية لا الوجوب كما صرح به في فتح القدير في باب الاعتكاف. والظاهر كونه على الكفاية بمعنى أنه إذا فعل في بلد سقطت المقاتلة عن أهلها لا بمعنى أنه إذا أذن واحد في بلد سقط عن سائر الناس من غير أهل تلك البلدة إذ لم يحصل به إظهار أعلام الدين، ولو لم يكن على الكفاية بهذا المعنى لكان سنة في حق كل أحد وليس كذلك إذا أذان الحي يكفينا كما سيأتي والاستشهاد بالاثم على تركه لا يدل على الوجوب عندنا لأنه مشترك بين الواجب والسنة المؤكدة، ولهذا كان الصحيح أنه يأثم إذا ترك سنن الصلوات المؤكدة كما سيأتي في باب
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»
الفهرست