البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٤٣
الاذان أجرا فإنه لا يحل للمؤذن ولا للإمام لحديث أبي داود واتخذ مؤذنا لا يأخذ على الاذان أجرا (1) قالوا: فإن لم يشارطهم على شئ لكن عرفوا حاجته فجمعوا له في وقت شيئا كان حسنا ويطيب له، وعلى هذا المفتى لا يحل له أخذ شئ على ذلك لكن ينبغي للقوم أن يهدوا إليه. كذا في فتح القدير وهو على قول المتقدمين. أما على المختار للفتوى في زماننا فيجوز أخذ الأجر للإمام والمؤذن والمعلم والمفتى كما صرحوا به في كتاب الإجارات. وفي فتاوى قاضيخان: المؤذن إذا لم يكن عالما بأوقات الصلاة لا يستحق ثواب المؤذنين. قال في فتح القدير: ففي أخذ الأجر أولى اه‍. وقد يمنع لما أنه في الأول للجهالة الموقعة في الغرر لغيره بخلافه في الثاني. وهل يستحق المعلوم المقدر في الوقف للمؤذن؟ لم أره في كلام أئمتنا، وصرح النووي في شرح المهذب بأنه لم يصح أذانه فيمن يولي ويرتب للاذان. واختلف هل الاذان أفضل أما الإمامة: قيل بالأول للآية * (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله) * فسرته عائشة بالمؤذنين، وللحديث المؤذنون أطول أعناقا يوم القيامة. (2) واختلف في معناه على أقوال: قيل أطول الناس رجاء يقال طال عنقي إلى وعدك أي رجائي، وقيل أكثر الناس اتباعا يوم القيامة لأنه يتبعهم كل من يصلي بأذانهم يقال جاءني عنق من الناس أي جماعة، وقيل أعناقهم تطول حتى لا يلجمهم العرق يوم القيامة، وقيل إعناقا بكسر الهمزة أي هم أشد الناس إسراعا في السير وقيل الإمامة أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده كانوا أئمة ولم يكونوا مؤذنين وهم لا يختارون من الأمور إلا أفضلها، وقيل هما سواء. وذكر الفخر الرازي في تفسير سورة المؤمنون أن بعض العلماء اختار الإمامة فقيل له في ذلك فقال: أخاف إن تركت الفاتحة أن يعاتبني الشافعي، وإن قرأتها مع الإمام أن يعاتبني أبو حنيفة، فاخترت الإمامة طلبا للخلاص من هذا الاختلاف اه‍. وقد كنت أختارها لهذا المعنى بعينه قبل الاطلاع على هذا النقل والله الموفق. واختار المحقق ابن الهمام أنها أفضل لما ذكرناه، وقول عمر " لولا الخليفي لأذنت " لا يستلزم تفضيله عليها بل مراده لأذنت مع الإمامة لا مع تركها، فيفيد أن الأفضل كون الإمام هو المؤذن وهذا مذهبنا وعليه كان أبو حنيفة كما علم من أخباره اه‍. وفي القنية: وينبغي أن يكون المؤذن مهيبا ويتفقد أحوال الناس ويزجر المتخلفين عن الجماعات ولا يؤذن لقوم آخرين إذا صلى في مكانه ويسن الاذان في موضع عال والإقامة على الأرض، وفي أذان المغرب اختلاف المشايخ اه‍. والظاهر
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»
الفهرست