البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٣٨
قوله: (فتقضيه دونها) أي فتقضي الصوم لزوما دون الصلاة لما في الكتب الستة عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت:
أحرورية أنت قلت: لست بحرورية ولكني اسأل قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. وعليه انعقد الاجماع، ولان في قضاء الصلاة حرجا بتكررها في كل يوم وتكرر الحيض في كل شهر بخلاف الصوم حيث يجب في السنة شهرا واحدا والمرأة لا تحيض عادة في الشهر إلا مرة فلا حرج. وإنما وجب عليها قضاء الصوم وإن نفست رمضان كله لأن وجوده في رمضان كله نادر فلا يعتبر. وذكر في آخر الفتاوى الظهيرية أن حكمته أن حواء لما رأت الدم أول مرة سألت آدم فقال: لا أعلم. فأوحي إليه أن تترك الصلاة فلما طهرت سألته فقال: لا أعلم. فأوحي إليه أن لا قضاء عليها، ثم رأته في وقت الصوم فسألته فأمرها بترك الصوم وعدم قضائه قياسا على الصلاة فأمرها الله تعالى بقضاء الصوم من قبل أن آدم أمرها بذلك من غير أمر الله تعالى. وفي معراج الدراية: إن سبب قضائه ترك حواء السؤال له وقياسها الصوم على الصلاة فجوزيت بقضائه بسبب ترك السؤال. فإن قيل: إنها غير مخاطبة بالصوم حال حيضها لحرمته عليها فكيف يجب عليها القضاء ولم يجب عليها الأداء؟ قلنا: أممن قال من مشايخنا وغيرهم بأن القضاء يجب بأمر جديد فلا إشكال، وأما على قول الجمهور من مشايخنا أن القضاء يجب بما يجب به الأداء فانعقاد السبب يكفي لوجوب القضاء وإن لم تخاطب بالأداء. وهل يكره لها قضاء الصلاة؟ لم أره صريحا، وينبغي أن يكون خلاف الأولى كما لا يخفى. والحرورية فرقة من الخوارج منسوبة إلى حروراء قرية بالكوفة كان بها أول تحكمهم واجتماعهم، والمراد أنها في التعمق في سؤالها كأنها خارجية لأنهم تعمقوا في أمر الدين حتى خرجوا. كذا في المغرب.
قوله: (ودخول مسجد) أي يمنع الحيض دخول المسجد وكذا الجنابة. وخرج بالمسجد غيره كمصلى العيد والجنائز والمدرسة والرباط فلا يمنعان من دخولها ولهذا قال في الخلاصة:
المتخذ لصلاة الجنازة والعيد الأصح أنه ليس له حكم المسجد. واختار في القنية من كتاب الوقف أن المدرسة إذا كان لا يمنع أهلها الناس من الصلاة في مسجدها فهي مسجد. وفي فتاوى قاضيخان: الجبانة ومصلى الجنازة لهما حكم المسجد عند أداء الصلاة حتى يصح الاقتداء وإن لم تكن الصفوف متصلة وليس لهما حكم المسجد في حق المرور، وحرمة
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست