البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٣٩
الدخول للجنب وفناء المسجد له حكم المسجد في حق جواز الاقتداء بالإمام وإن لم تكن الصفوف متصلة ولا المسجد ملآنا اه‍. وأما في جواز دخول الحائض فليس للفناء حكم المسجد فيه، وأما ما في شرح الزاهدي من أن سطح المسجد وظلة بابه في حكمه فليس على إطلاقه بل مقيد في الظلة بأنها حكمه في حق جواز الاقتداء لا في حرمة الدخول للجنب والحائض كما لا يخفى. وقيد صاحب الدرر والغرر المنع من دخولهما المسجد بأن لا يكون عن ضرورة فقال: وحرم على الجنب دخول المسجد ولو للعبور إلا لضرورة كأن يكون باب بيته إلى المسجد اه‍. وهو حسن وإن خالف إطلاق المشايخ. وينبغي أن يقيد بكونه لا يمكنه تحويل بابه إلى غير المسجد وليس قادرا على السكنى في غيره كما لا يخفى وإلا لم تتحقق الضرورة، يدل عليه ما عن أفلت عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة رضي الله عنها قالت:
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل فيهم رخصة فخرج إليهم فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. رواه أبو داود وابن ماجة والبخاري في تاريخه الكبير، وقد نقل الخطابي تضعيفه بسبب جهالة أفلت ورد عليه.
ودجاجة بكسر الدال بخلاف واحدة الدجاج وهو بإطلاقه حجة على الشافعي في إباحته الدخول على وجه العبور وعلى أبي اليسر من أصحابنا كما في إباحة الدخول لغير الصلاة كما نقله عنه في خزانة الفتاوى. واستدل الشافعي بقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) * (النساء: 43) بناء منه على إرادة مكان الصلاة بلفظ الصلاة مجازا فيكون المنهي عنه قربان مكان الصلاة للجنب لا حال العبور، أو بناء منه على استعمال لفظ الصلاة في حقيقته ومجازه فيكون المنهي عنه قربان الصلاة وموضعها، ولا شك أن هذا منه عدول عن الظاهر ولا موجب له إلا توهم لزوم جواز الصلاة جنبا حال كونه عابر سبيل لأنه مستثنى من المنع المغيا بالاغتسال، وهذا التوهم ليس بلازم لوجوب الحكم بأن المراد جوازها حال كونه عابر سبيل أي مسافرا بالتيمم لأن مؤدى التركيب لا تقربوها جنبا حتى تغتسلوا إلا حال عبور السبيل فلكم أن تقربوها بغير اغتسال، وبالتيمم يصدق أنه بغير اغتسال. نعم مقتضى ظاهر الاستثناء
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست