البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٤٩
المطهرون من جميع الأدناس أدناس الذنوب، وما سواها إن جعلت الجملة صفة لكتاب مكنون وهو اللوح، وإن جعلتها صفة للقرآن فالمعنى لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة من الناس يعني مس المكتوب منه ا ه‍. لكن الإمام الطيبي في حاشيته ذكر صحة الاستدلال به على الوجه الأول أيضا فقال: فالمعنى على الوجه الأول أن هذا الكتاب كريم على الله تعالى ومن كرمه أنه أثبته عنده في اللوح المحفوظ وعظم شأنه بأن حكم بأنه لا يمسه إلا الملائكة المقربون وصانه عن غير المقربين فيجب أن يكون حكمه عند الناس كذلك بناء على أن ترتب الحكم على الوصف المناسب مشعر بالعلية لأن سياق الكلام لتعظيم شأن القرآن. وعن الدارمي عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال القرآن أحب إلى الله تعالى من السماوات والأرض ومن فيهن ا ه‍. وذكر أنه على الوجه الثاني إخبار في معنى الامر كقوله * (الزاني لا ينكح إلا زانية) * (النور: 3) ا ه‍. وتعبير المصنف بمس القرآن أولى من تعبير غيره بمس المصحف لشمول كلامه ما إذا مس لوحا مكتوبا عليه آية وكذا الدرهم والحائط، وتقييده بالسورة في الهداية اتفاقي بل المراد الآية لكن لا يجوز مس المصحف كله المكتوب وغيره بخلاف غيره فإنه لا يمنع إلا مس المكتوب. كذا ذكره في السراج الوهاج مع أن في الأول اختلافا فقال في غاية البيان وقال بعض مشايخنا: المعتبر حقيقة المكتوب حتى إن مس الجلد ومس مواضع البياض لا يكره لأنه لم يمس القرآن، وهذا أقرب إلى القياس والمنع أقرب إلى التعظيم ا ه‍. وفي تفسير الغلاف اختلاف، فقيل الجلد المشرز، وفي غاية البيان مصحف مشرز أجزاؤه مشدود بعضها إلى بعض من الشيرازة وليست بعربية، وفي الكافي والغلاف الجلد الذي عليه في الأصح، وقيل هو المنفصل كالخريطة ونحوها المتصل بالمصحف منه حتى يدخل في بيعه بلا ذكر ا ه‍. وصحح هذا القول في الهداية وكثير من الكتب وزاد في
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»
الفهرست