البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٩٠
عمدا توجب الطهارة على الأصح وإن لم يكن مأكولا، وكذا نقل صاحب المعراج في هذه المسألة الطهارة عن القنية أيضا هنا وصاحب القنية هو صاحب المجتبى وهو الإمام الزاهدي المشهور علمه وفقهه، ويدل على أن هذا هو الأصح أن صاحب النهاية ذكر هذا الشرط الذي قدمناه بصيغة قيل معزيا إلى فتاوى قاضيخان، وفي منية المصلي: السنجاب إذا أخرج من دار الحرب وعلم أنه مدبوغ بودك الميتة لا تجوز الصلاة عليه ما لم يغسل وإن علم أنه مدبوغ بشئ طاهر جاز وإن لم يغسل، وإن شك فالأفضل أن يغسل ا ه‍.
قوله: (وشعر الانسان والميتة وعظمهما طاهران) إنما ذكرهما في بحث المياه لإفادة أنه إذا وقع في الماء لا ينجسه لطهارته عندنا، والأصل أن كل ما لا تحله الحياة من أجزاء الهوية محكوم بطهارته بعد موت ما هي جزؤه كالشعر والريش والمنقار والعظم والعصب والحافر والظلف واللبن والبيض الضعيف القشر والإنفحة، لا خلاف بين أصحابنا في ذلك وإنما الخلاف بينهم في الإنفحة واللبن هل هما متنجسان؟ فقالا نعم لمجاورتهما الغشاء النجس، فإن كانت الإنفحة جامدة تطهر بالغسل وإلا تعذر طهارتها. وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى:
ليسا بمتنجسين وعلى قياسهما قالوا في السخلة إذا سقطت من أمها وهي رطبة فيبست ثم وقعت في الماء لا تنجس لأنها كانت في معدنها. كذا في فتح القدير. وفي إدخال العصب في المسائل التي لا خلاف فيها نظر، فقد صرحوا أن في العصب روايتين، وصرح في السراج الوهاج أن الصحيح نجاسته إلا أن صاحب الفتح تبع صاحب البدائع. فالتحرير ما في غاية البيان أن أجزاء الميتة لا تخلوا إما أن يكون فيها دم أو لا، فالأولى كاللحم نجسة، والثانية ففي غير الخنزير والآدمي ليس بنجسة إن كانت صلبة كالشعر والعظم بلا خلاف، وأما الإنفحة المائعة واللبن فكذلك عند أبي حنيفة، وعندهما نجس. وأما الآدمي ففيه روايتان: في رواية نجسة فلا يجوز بيعها ولا الصلاة معها إذا كانت أكثر من قدر الدرهم وزنا أو عرضا، وفي رواية طاهرة لعدم الدم وعدم جواز البيع للكرامة، وأما العصب ففيه
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست