بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٤٤
بالاجماع لأنه منتفع به حقيقة مباح الانتفاع به شرعا على الاطلاق فكان مالا ولا ينعقد بيع الحية والعقرب وجميع هوام الأرض كالوزغة والضب والسلحفاة والقنفذ ونحو ذلك لأنها محرمة الانتفاع بها شرعا لكونها من الخبائث فلم تكن أموالا فلم يجز بيعها وذكر في الفتاوى انه يجوز بيع الحية التي ينتفع بها للأدوية وهذا غير سديد لان المحرم شرعا لا يجوز الانتفاع به للتداوي كالخمر والخنزير وقال النبي عليه الصلاة والسلام لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم فلا تقع الحاجة إلى شرع البيع ولا ينعقد بيع شئ مما يكون في البحر كالضفدع والسرطان الا السمك وما يجوز الانتفاع بجلده أو عظمه لان ما لا يجوز الانتفاع بجلده ولا به ولا بعظمه لا يكون مالا فلا يكون محلا للبيع وقد روى أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن الضفدع يجعل في دواء فنهى عنه وقال خبيثة من الخبائث وذكر أبو بكر الإسكاف رحمه الله انه لا يجوز وذكر في الفتاوى انه يجوز لأنه الناس ينتفعون به ولا ينعقد بيع النحل الا إذا كان في كوارته عسل فباع الكوارة بما فيها من العسل والنحل وروى هشام عن محمد انه يجوز بيعه منفردا من غير كوارته إذا كان مجموعا وهو قول الشافعي رحمه الله لان النحل حيوان منتفع به فيجوز بيعه (ولنا) انه ليس بمنتفع به فلم يكن مالا بنفسه بل بما يحدث منه وهو معدوم حتى لو باعه مع الكوارة وفيها عسل يجوز بيعه تبعا للعسل ويجوز ان لا يكون الشئ محلا للبيع بنفسه مفردا ويكون محلا للبيع مع غيره كالشرب وأنكر الكرخي رحمه الله هذا فقال إنما يدخل فيه تبعا إذا كان من حقوقه كما في الشرب مع الأرض وهذا ليس من حقوقه وعلى هذا بيع دود القز لا ينعقد الا إذا كان معه قز وروى محمد انه يجوز بيعه مفردا والحجج على نحو ما ذكرنا في النحل ولا ينعقد بيع بذر الدود عند أبي حنيفة رحمه الله كما لا ينعقد بيع الدود وعندهما يجوز بيعه (ووجه) الكلام فيه على نحو ما ذكرنا في بيع النحل والدود ويجوز بيع السرقين والبعر لأنه مباح الانتفاع به شرعا على الاطلاق فكان مالا ولا ينعقد بيع العذرة الخالصة لأنه لا يباح الانتفاع بها بحال فلا تكون مالا الا إذا كان مخلوطا بالتراب والتراب غالب فيجوز بيعه لأنه يجوز الانتفاع به وروى عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال كل شئ أفسده الحرام والغالب عليه الحلال فلا بأس ببيعه ونبين ذلك وما كان الغالب عليه الحرام لم يجز بيعه ولا هبته كالفأرة إذا وقعت في العجين والسمن المائع وكذلك قال محمد في الزيت إذا وقع فيه ودك الميتة انه إن كان الزيت غالبا يجوز بيعه وإن كان الودك غالبا لا يجوز بيعه لان الحلال إذا كان هو الغالب يجوز الانتفاع به استصحابا ودبغا على ما ذكرنا في كتاب الطهارات فكان مالا فيجوز بيعه وإذا كان الحرام هو الغالب لم يجز الانتفاع به بوجه فلم يكن مالا فلا يجوز بيعه ويجوز بيع آلات الملاهي من البربط والطبل والمزمار والدف ونحو ذلك عند أبي حنيفة لكنه يكره وعند أبي يوسف ومحمد لا ينعقد بيع هذه الأشياء لأنها آلات معدة للتلهي بها موضوعة للفسق والفساد فلا تكون أموالا فلا يجوز بيعها ولأبي حنيفة رحمه الله أنه يمكن الانتفاع بها شرعا من جهة أخرى بان تجعل ظروفا لأشياء ونحو ذلك من المصالح فلا تخرج عن كونها أموالا وقولهما انها آلات التلهي والفسق بها قلنا نعم لكن هذا لا يوجب سقوط ماليتها كالمغنيات والقيان وبدن الفاسق وحياته وماله وهذا لأنها كما تصلح للتلهي تصلح لغيره على ماليتها بجهة اطلاق الانتفاع بها لا بجهة الحرمة ولو كسرها انسان ضمن عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما لا يضمن وعلى هذا الخلاف بيع النرد والشطرنج والصحيح قول أبي حنيفة رضي الله عنه لان كل واحد منهما منتفع به شرعا من وجه آخر بان يجعل صنجات الميزان فكان مالا من هذا الوجه فكان محلا للبيع مضمونا بالاتلاف ويجوز بيع ما سوى الخمر من الأشربة المحرمة كالسكر ونقيع الزبيب والمنصف ونحوها عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يجوز لأنه إذا حرم شربها لم تكن مالا فلا تكون محلا للبيع كالخمر ولان ما حرم شربه لا يجوز بيعه لما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وان الله تعالى إذا حرم شيئا حرم بيعه وأكل ثمنه ولأبي حنيفة رحمه الله ان حرمة هذه الأشربة ما ثبتت بدليل متيقن مقطوع به لكونها محل الاجتهاد
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306