بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٣٩
الا إذا صار بحال ينتفع به بوجه من الوجوه فإن كان بحيث لا ينتفع به أصلا لا ينعقد واحتجوا بما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها ولأنه إذا لم يبد صلاحها لم تكن منتفعا بها فلا تكون مالا فلا يجوز بيعها وهذا خلاف الرواية فان محمدا ذكر في كتاب الزكاة في باب العشر أنه لو باع الثمار في أول ما تطلع وتركها بأمر البائع حتى أدركت فالعشر على المشترى ولو لم يجز بيعها حين ما طلعت لما وجب عشرها على المشترى والدليل على جواز بيعه ما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال من باع نخلا مؤبرة فثمرته للبائع الا أن يشترطها المبتاع جعل الثمرة للمشترى بالشرط من غير فصل بين ما إذا بدا صلاحها أو لا دل أنها محل البيع كيف ما كان والمعنى فيه وهو أنه باع ثمرة موجودة وهي بعرض أن تصير منتفعا بها في الثاني وان لم يكن منتفعا بها في الحال فيجوز بيعها كبيع جرو الكلب على أصلنا وبيع المهر والجحش والأرض السبخة والنهى محمول على بيع الثمار مدركة قبل ادراكها بان باعها ثمرا وهي بسر أو باعها عنبا وهي حصرم دليل صحة هذا التأويل قوله عليه الصلاة والسلام في سياق الحديث أرأيت ان منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال صاحبه ولفظة المنع تقتضي أن لا يكون ما وقع عليه البيع موجودا لان المنع منع الوجود وما يوجد من الزرع بعضه بعد بعض كالبطيخ والباذنجان فيجوز بيع ما ظهر منه ولا يجوز بيع ما لم يظهر وهذا قول عامة العلماء رضي الله عنهم وقال مالك رحمه الله إذا ظهر فيه الخارج الأول يجوز بيعه لان فيه ضرورة لأنه لا يظهر الكل دفعة واحدة بل على التعاقب بعضها بعد بعض فلو لم يجز بيع الكل عند ظهور البعض لوقع الناس في الحرج (ولنا) أن ما لم يظهر منه معدوم فلا يحتمل البيع ودعوى الضرورة والحرج ممنوعة فإنه يمكنه أن يبيع الأصل بما فيه من الثمر وما يحدث منه بعد ذلك يكون ملك المشتري وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحبل وحبل الحلب وروى حبل الحبلة وهو بمعنى الأول وإنما زيادة الهاء للتأكيد والمبالغة وروى حبل الحبلة بحفظ الهاء من الكلمة الأخيرة والحبلة هي الحبلى فكان نهيا عن بيع ولد الحبلى وروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن بيع اللبن في الضرع وبيع عسب الفحل لان عسب الفحل ضرابه وهو عند العقد معدوم وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل ولا يمكن حمل النهى على نفس العسب وهو الضراب لان ذلك جائز بالإعارة فيحمل على البيع والإجارة الا أنه حذف ذلك واضمره فيه كما في قوله تعالى واسأل القرية وغير ذلك ولا يجوز بيع الدقيق في الحنطة والزيت في الزيتون والدهن في السمسم والعصير في العنب والسمن في اللبن ويجوز بيع الحنطة وسائر الحبوب في سنابلها لان بيع الدقيق في الحنطة والزيت في الزيتون ونحو ذلك بيع المعدوم لأنه لا دقيق في الحنطة ولا زيت في الزيتون لان الحنطة اسم للمركب والدقيق اسم للمتفرق فلا دقيق في حال كونه حنطة ولا زيت حال كونه زيتونا فكان هذا بيع المعدوم فلا ينعقد بخلاف بيع الحنطة في سنبلها لان ما في السنبل حنطة إذ هي اسم للمركب وهي في سنبلها على تركيبها فكان بيع الموجود حتى لو باع تبن الحنطة في سنبلها دون الحنطة لا ينعقد لأنه لا يصير تبنا الا بالعلاج وهو الدق فلم يكن تبنا قبله فكان بيع المعدوم فلا ينعقد وبخلاف بيع الجذع في السقف والآجر في الحائط وذراع من كرباس أو ديباج أنه ينعقد حتى لو نزع وقطع وسلم إلى المشترى يجبر على الاخذ وههنا لا ينعقد أصلا حتى لو طحن أو عصر وسلم لا يجبر المشترى على القبول لأن عدم النفاذ هناك ليس لخلل في الركن ولا في العاقد والمعقود عليه بل لمضرة تلحق العاقد بالنزع والقطع فإذا نزع وقطع فقد زال المانع فنفذ اما ههنا فالمعقود عليه معدوم حالة العقد ولا يتصور انعقاد العقد بدونه فلم ينعقد أصلا فلا يحتمل النفاذ فهو الفرق وكذا بيع البزر في البطيخ الصحيح لأنه بمنزلة الزيت في الزيتون وبيع النوى في التمر وكذلك بيع اللحم في الشاة الحية لأنها إنما تصير لحما بالذبح والسلخ فكان بيع المعدوم فلا ينعقد وكذا بيع الشحم الذي فيها وأليتها وأكارعها ورأسها لما قلنا وكذا بيع البحير في السمسم لأنه إنما يصير بحيرا بعد العصر وعلى هذا يخرج ما إذا قال بعتك هذا الياقوت بكذا فإذا هو زجاج أو قال بعتك هذا الفص على أنه ياقوت بكذا فإذا هو زجاج
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306