بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٤٣
رحمه الله لا يجوز ثم عندنا لا فرق بين المعلم وغير المعلم في رواية الأصل فيجوز بيعه كيف ما كان وروى عن أبي يوسف رحمه الله انه لا يجوز بيع الكلب العقور احتج الشافعي رحمه الله بما روى عن النبي المكرم عليه الصلاة والسلام أنه قال ومن السحت مهر البغي وثمن الكلب ولو جاز بيعه لما كان ثمنه سحتا ولأنه نجس العين فلا يجوز بيعه كالخنزير الا أنه رخص الانتفاع به بجهة الحراسة والاصطياد للحاجة والضرورة وهذا لا يدل على جواز البيع كما في شعر الخنزير (ولنا) ان الكلب مال فكان محلا للبيع كالصقر والبازي والدليل على أنه مال انه منتفع به حقيقة مباح الانتفاع به شرعا على الاطلاق فكان مالا ولا شك انه منتفع به حقيقة والدليل على أنه مباح الانتفاع به شرعا على الاطلاق ان الانتفاع به بجهة الحراسة والاصطياد مطلق شرعا في الأحوال كلها فكان محلا للبيع لان البيع إذا صادف محلا منتفعا به حقيقة مباح الانتفاع به على الاطلاق مست الحاجة إلى شرعه لان شرعه يقع سببا ووسيلة للاختصاص القاطع للمنازعة إذ الحاجة إلى قطع المنازعة فيما يباح الانتفاع به شرعا على الاطلاق لا فيما يجوز (وأما) الحديث فيحتمل انه كان في ابتداء الاسلام لأنهم كانوا ألفوا اقتناء الكلاب فأمر بقتلها ونهى عن بيعها مبالغة في الزجر أو يحمل على هذا توفيقا بين الدلائل قوله إنه نجس العين قلنا هذا ممنوع فإنه يباح الانتفاع به شرعا على الاطلاق اصطيادا وحراسة ونجس العين لا يباح الانتفاع به شرعا الا في حالة الضرورة كالخنزيز ولا ينعقد بيع الخنزير من المسلم لأنه ليس بمال في حق المسلمين فأما أهل الذمة فلا يمنعون من بيع الخمر والخنزير أما على قول بعض مشايخنا فلانه مباح الانتفاع به شرعا لهم كالخل وكالشاة لنا فكان مالا في حقهم فيجوز بيعه وروى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عشاره بالشام أن ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها ولو لم يجز بيع الخمر منهم لما أمرهم بتوليتهم البيع وعن بعض مشايخنا حرمة الخمر والخنزير ثابتة على العموم في حق المسلم والكافر لان الكفار مخاطبون بشرائع هي حرمات هو الصحيح من مذهب أصحابنا فكانت الحرمة ثابتة في حقهم لكنهم لا يمنعون عن بيعها لأنهم لا يعتقدون حرمتها ويتمولونها ونحن أمرنا بتركهم وما يدينون ولو باع ذمي من ذمي خمرا أو خنزيرا ثم أسلما أو أسلم أحدهما قبل القبض يفسخ البيع لأنه بالاسلام حرم البيع والشراء فيحرم القبض والتسليم أيضا لأنه يشبه الانشاء أو انشاء من وجه فيلحق به في باب الحرمات احتياطا وأصله قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا أن كنتم مؤمنين والامر بترك ما بقي من الربا هو النهى عن قبضته يؤيده قوله تعالى في آخر الآية الشريفة وان تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وإذا حرم القبض والتسليم لم يكن في بقاء العقد فائدة فيبطله القاضي كمن باع عبدا فأبق قبل القبض ولو كان اسلامهما أو اسلام أحدهما بعد القبض مضى البيع لان الملك قد ثبت على الكمال بالعقد والقبض في حالة الكفر وإنما يوجد بعد الاسلام دوام الملك والاسلام لا ينافي ذلك فان من تخمر عصيره لا يؤمر بابطال ملكه فيها ولو أقرض الذمي ذميا خمرا ثم أسلم أحدهما فان أسلم المقرض سقطت الخمر ولا شئ له من قيمة الخمر على المستقرض أما سقوط قيمة الخمر فلان العجز عن قبض المثل جاء من قبله فلا شئ له وان أسلم المستقرض روى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله انه تسقط الخمر وليس عليه قيمة الخمر أيضا كما لو أسلم المقرض وروى محمد وزفر وعافية بن زياد القاضي عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ان عليه قيمة الخمر وهو قول محمد رحمه الله (وجه) هذه الرواية ان امتناع التسليم من المستقرض إنما جاء لمعنى من قبله وهو اسلامه فكأنه استهلك عليه خمره والمسلم إذا استهلك خمرا لذمي يضمن قيمته (وجه) رواية أبى يوسف رحمه الله انه لا سبيل إلى تسليم المثل لأنه يمنع منه ولا إلى القيمة لان ذلك يوجب ملك المستقرض والاسلام يمنع منه والله سبحانه وتعالى أعلم وأما الفرد فعن أبي حنيفة رضي الله عنه روايتان (وجه) رواية عدم الجواز انه غير منتفع به شرعا فلا يكون مالا كالخنزير (وجه) رواية الجواز انه ان لم يكن منتفعا به بذاته يمكن الانتفاع بجلده والصحيح هو الأول لأنه لا يشترى للانتفاع بجلده عادة بل للهو به وهو حرام فكان هذا بيع الحرام للحرام وانه لا يجوز ويجوز بيع الفيل
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306