بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٤٧
البيع فإن لم يكن لا ينعقد وان ملكه بعد ذلك بوجه من الوجوه الا السلم خاصة وهذا بيع ما ليس عنده ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم ولو باع المغصوب فضمنه المالك قيمته نفذ بيعه لان سبب الملك قد تقدم فتبين أنه باع ملك نفسه وههنا تأخر سبب الملك فيكون بائعا ما ليس عنده فدخل تحت النهى والمراد منه بيع ما ليس عنده ملكا لان قصة الحديث تدل عليه فإنه روى أن حكيم بن حزام كان يبيع الناس أشياء لا يملكها ويأخذ الثمن منهم ثم يدخل السوق فيشترى ويسلم إليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تبع ما ليس عندك ولان بيع ما ليس عنده بطريق الأصالة عن نفسه تمليك ما لا يملكه بطريق الأصالة وأنه محال وهو الشرط فيما يبيعه بطريق الأصالة عن نفسه فاما ما يبيعه بطريق النيابة عن غيره ينظر إن كان البائع وكيلا وكفيلا فيكون المبيع مملوكا للبائع ليس بشرط وإن كان فضوليا فليس بشرط للانعقاد عندنا بل هو من شرائط النفاذ فان بيع الفضولي عندنا منعقد موقوف على إجازة المالك فان أجاز نفذ وان رد بطل وعند الشافعي رحمه الله هو شرط الانعقاد لا ينعقد بدونه وبيع الفضولي باطل عنده وسيأتي إن شاء الله تعالى (ومنها) أن يكون مقدور التسليم عند العقد فإن كان معجوز التسليم عنده لا ينعقد وإن كان مملوكا له كبيع الآبق في جواب ظاهر الروايات حتى لو ظهر يحتاج إلى تجديد الايجاب والقبول الا إذا تراضيا فيكون بيعا مبتدأ بالتعاطي فإن لم يتراضيا وامتنع البائع من التسليم لا يجبر على على التسليم ولو سلم وامتنع المشترى من القبض لا يجبر على القبض وذكر الكرخي رحمه الله أنه ينعقد بيع الآبق حتى لو ظهر وسلم يجوز ولا يحتاج إلى تجديد البيع الا إذا كان القاضي فسخه بان رفعه المشترى إلى القاضي فطالبه بالتسليم وعجز عن التسليم ففسخ القاضي البيع بينهما ثم ظهر العبد وجه قول الكرخي رحمه الله ان الإباق لا يوجب زوال الملك الا ترى أنه لو أعتقه أو دبره ينفذ ولو وهبه من ولده الصغير يجوز وكان ملكا له فقد باع مالا مملوكا له الا أنه لم ينفذ للحال للعجز عن التسليم فان سلم زال المانع فينفذ وصار كبيع المغصوب الذي في يد الغاصب إذا باعه المالك لغيره أنه ينعقد موقوفا على التسليم لما قلنا كذا هذا وجه ظاهر الروايات ان القدرة على التسليم لذا العاقد شرط انعقاد العقد لأنه لا ينعقد الا لفائدة ولا يفيد إذا لم يكن قادرا على التسليم والعجز عن التسليم ثابت حالة العقد وفى حصول القدرة بعد ذلك شك واحتمال قد يحصل وقد لا يحصل وما لم يكن منعقدا بيقين لا ينعقد لفائدة تحتمل الوجود والعدم على الأصل المعهود ان ما لم يكن ثابتا بيقين أنه لا يثبت بالشك والاحتمال بخلاف ما إذا أبق بعد البيع قبل القبض أنه لا ينفسخ لان القدرة على التسليم كانت ثابتة لذا العقد فانعقد ثم زالت على وجه يحتمل عودها فيقع الشك في زوال المنعقد بيقين والثابت باليقين لا يزول بالشك فهو الفرق بخلاف بيع المغصوب من غير الغاصب أنه ينعقد موقوفا على التسليم حتى لو سلم ينفذ ولان هناك المالك قادر على التسليم بقدرة السلطان والقاضي وجماعة المسلمين الا أنه لم ينفذ للحال لقيام يد الغاصب صورة فإذا سلم زال المانع فينفذ بخلاف الآبق لأنه معجوز التسليم على الاطلاق إذ لا تصل إليه يد أحد لما أنه لا يعرف مكانه فكان العجز متقررا والقدرة محتملة موهومة فلا ينعقد مع الاحتمال فأشبه بيع الآبق بيع الطير الذي لم يوجد في الهواء وبيع السمك الذي لم يوجد في الماء وذلك باطل كذا هذا ولو جاء انسان إلى مولى العبد فقال إن عبدك عند فلان فبعه منى وأنا أقبضه منه فصدقه وباعه منه لا ينفذ لما فيه من عذر القدرة على القبض على القبض لكنه ينعقد حتى لو قبضه ينفذ بخلاف الفصل المتقدم لان القدرة على القبض ههنا ثابتة في زعم المشترى الا ان احتمال المنع قائم فانعقد موقوفا على قبضه فإذا قبضه تحقق ما زعمه فينفذ بخلاف الفصل الأول لان العجز عن التسليم للحال متحقق فيمنع الانعقاد ولو أخذه رجل فجاء إلى مولاه فاشتراه منه جاز الشراء لان المانع هو العجز عن التسليم ولم يوجد في حقه وهذا البيع لا يدخل تحت النهى لان النهى عن بيع الآبق وهذا ليس بآبق في حقه ثم إذا اشترى منه لا يخلو اما ان احضر العبد مع نفسه واما ان لم يحضره فان أحضره صار قابضا له عقيب العقد بلا فصل وان لم يحضره مع نفسه ينظر إن كان أخذه ليرده على صاحبه وأشهد على ذلك لا يصير قابضا له ما لم يصل إليه لان قبضه قبض أمانة وقبض الأمانة
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306