بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٣٧
بقاء العقد على الصحة حق لو افترقا من غير تقابض أصلا يبطل العقد لحصول الافتراق عن دين بدين ولو لم يوجد القبض الا من أحد الجانبين دون الآخر فافترقا مضى العقد على الصحة لان المقبوض صار عينا بالقبض فكان افتراقا عن عين بدين وانه جائز إذا لم يتضمن ربا النساء ولم يتضمن ههنا لانعدام القدر المتفق والجنس وكذا إذا تبايعا فلسا بعينه بفلس بعينه فالفلسان لا يتعينان وان عينا الا أن القبض في المجلس شرط حتى يبطل بترك التقابض في المجلس لكونه افتراقا عن دين بدين ولو قبض أحد البدلين في المجلس فافترقا قبل قبض الآخر ذكر الكرخي أنه لا يبطل العقد لان اشتراط القبض من الجانبين من خصائص الصرف وهذا ليس بصرف فيكتفى فيه بالقبض من أحد الجانبين لان به يخرج عن كونه افتراقا عن دين بدين وذكر في بعض شروح مختصر الطحاوي رحمه الله أنه يبطل لا لكونه صرفا بل لتمكن ربا النساء فيه لوجود أحد وصفى علة ربا الفضل وهو الجنس وهو الصحيح ولو تبايعا فلوسا بدراهم على أن كل واحد منهما بالخيار وتقابضا وافترقا بطل البيع لان الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم فيمنع صحة التقابض فيحصل الافتراق لا عن قبض أصلا فيبطل البيع ولو كان الخيار لأحدهما فكذلك عند أبي حنيفة وعندهما يجوز بناء على أن شرط الخيار يعمل في الجانبين جميعا عنده وينعدم القبض من الجانبين وعندهما لا يعمل الا من جانب واحد فينعدم القبض من أحد الجانبين وهذا لا يمنع جواز العقد والأصل المحفوظ أن العقد في حق القبض على مراتب منها ما يشترط فيه التقابض وهو القبض من الجانبين وهو الصرف ومنها ما لا يشترط فيه القبض أصلا كبيع العين بالعين مما سوى الذهب والفضة وبيع العين بالدين مما لا يتضمن ربا النساء كبيع الحنطة بالدراهم ونحوها ومنها ما يشترط فيه القبض من أحد الجانبين كبيع الدراهم بالفلوس وبيع العين بالدين مما يتضمن ربا النساء كبيع المكيل بالمكيل والموزون بالموزون إذا كان الدين منهما ثمنا وبيع الدين بالعين وهو السلم ولو تبايعا فلسا بعينه بفلسين بأعيانهما جاز عند أبي حنيفة وأبى يوسف ويتعين كل واحد منهما حتى لو هلك أحدهما قبل القبض بطل العقد وكذا إذا رد بالعيب أو استحق ولو أراد أحدهما أن يدفع مثله ليس له ذلك وعند محمد لا يتعين ولا يجوز البيع وقد ذكرنا المسألة مع دلائلها فيما تقدم ولو تبايعا فلسا بغير عينه بفلسين بغير أعيانهما أو عين أحدهما ولم يعين الاخر لا يجوز في الرواية المشهورة عنهم وعن أبي يوسف أنه يجوز والصحيح جواب ظاهر الرواية لان الفلس في هذه الحالة لا يخلو من أن يكون من العروض أو من الأثمان فإن كان من العروض فالتعيين في العروض شرط الجواز ولم يوجد وإن كان من الأثمان فالمساواة فيما شرط الجواز ولم يوجد ولان تجويز هذا البيع يؤدى إلى ربح ما لم يضمن لان مشترى الفلسين يقبضهما وينقد أحدهما ويبقى الآخر عن غير ضمان فيكون ربح ما لم يضمن وانه منهى ولو تبايعا فلسا بفلسين وشرطا الخيار ينبغي أن يجوز على قولهما لان الفلوس في هذه الحالة كالعروض وعندهما لا يشترط فيها فلم يكن الخيار مانعا والله عز وجل أعلم ولو اشترى شيئا بفلوس كاسدة في موضع لا تنفق فإن كانت بأعيانها جاز وان لم تكن معينة لم يجز لأنها في ذلك الموضع عروض والتعيين شرط الجواز في بيع العروض ومنها أن للبائع حق حبس المبيع حتى يقبض الثمن إذا كان الثمن حالا وليس للمشترى أن يمتنع من تسليم الثمن إلى البائع حتى يقبض المبيع إذا كان المبيع حاضرا لان البيع عقد معاوضة والمساواة في المعاوضات مطلوبة المتعاوضين عادة وحق المشترى في المبيع قد تعين بالتعيين في العقد وحق البائع في الثمن لم يتعين بالعقد لان الثمن في الذمة فلا يتعين بالتعيين الا بالقبض فيسلم الثمن أولا ليتعين فتتحقق المساواة وإن كان المبيع غائبا عن حضرتهما فللمشتري أن يتمنع عن التسليم حتى يحضر المبيع لان تقديم تسليم الثمن لتتحقق المساواة وإذا كان المبيع غائبا لا تتحقق المساواة بالتقديم بل يتقدم حق البائع ويتأخر حق المشترى حيث يكون الثمن بالقبض عينا مشارا إليه والمبيع لا ولان من الجائز أن المبيع قد هلك وسقط الثمن عن المشترى فلا يؤمر بالتسليم الا بعد احضار المبيع سواء كان المبيع في ذلك المصر أو في موضع آخر بحيث تلحقه المؤنة بالاحضار فرق بين هذا وبين الرهن فان الراهن إذا
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306