بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٣٥
الواجب على المستقرض مثل ما استقرض دينا في ذمته لا عينه فكان محتملا للاستبدال كسائر الديون ولهذا اختص جوازه بما له مثل من المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة دل ان الواجب على المستقرض تسليم مثل ما استقرض لا تسليم عينه الا أنه أقيم تسليم المثل فيه مقام تسليم العين كأنه انتفع بالعين مدة ثم ردها إليه فأشبه دين الاستهلاك وغيره والله عز وجل أعلم (ومنها) أنه لا يجوز بيع ما ليس عند البائع الا السلم خاصة لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم ويجوز الشراء بثمن ليس عند المشترى لما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام اشترى من يهودي طعاما بثمن ليس عنده ورهنه درعه وعلى هذا يخرج ما إذا قال اشتريت منك هذه الحنطة بدرهم أو دينار إلى شهر أو قال اشتريت منك درهما أو دينارا إلى شهر بهذه الحنطة أنه يجوز لما ذكرنا ان الدراهم والدنانير أثمان على كل حال فكان ما يقابلها مبيعا فيكون مشتريا بثمن ليس عنده وأنه جائز ولو قال بعت منك قفيز حنطة بهذا الدرهم أو بهذا الدينار ووصف الحنطة لكنه لم يذكر شرائط السلم أو قال بعت منك هذا الدرهم أو هذا الدينار بقفيز من حنطة ووصفها ولم يذكر شرائط السلم لا يجوز لان الدراهم والدنانير أثمان بأي شئ قوبلت فكان ما في مقابلتها مبيعا فيكون بائعا ما ليس عنده ولا يجوز بيع ما ليس عند الانسان الا السلم خاصة ولم يذكر شرائط السلم فلو ذكر في هذا البيع شرائط السلم جاز عند أصحابنا الثلاثة وان لم يذكر لفظ السلم وعند زفر لا يجوز ما لم يذكر لفظ السلم والصحيح قولنا لما ذكرنا ان السلم نوع بيع الا أنه بيع اختص بشرائط فإذا أتى بها فقد أتى بالسلم وان لم يتلفظ به ولو تصارفا دينارا بدينار أو عشرة دراهم بعشرة دراهم أو دينارا بعشرة بغير أعيانها وليس عندهما شئ من ذلك فاستقرضا في المجلس ثم تقابضا وافترقا جاز لان الدراهم والدنانير أثمان على كل حال فكان كل واحد منهما مشتريا بثمن ليس عنده لا بائعا وانه جائزا لا أنه لابد من التقابض لأنه صرف ولو تبايعا تبرا بتبر بغير أعيانهما وليس عندهما شئ من ذلك ثم استقرضا قبل الافتراق فتقابضا ثم افترقا ففيه روايتان ذكر في الصرف أنه يجوز وجعله بمنزلة الدراهم والدنانير المضروبة وذكر في المضاربة وجعله بمنزلة العروض حيث قال لا تجوز المضاربة فعلى هذه الرواية لا يجوز البيع ويحتمل ان يوفق بين الروايتين بأن تحمل رواية كتاب الصرف على موضع يروج التبر فيه رواج الدراهم والدنانير المضروبة ورواية كتاب المضاربة على موضع لا يروج رواجها وعلى هذا يخرج ما إذا قال بعت منك هذا العبد بكذا كر حنطة ووصفها أنه يجوز لأنه جعل الحنطة الموصوفة ثمنا حيث أدخل فيها حرف الباء فيكون الآخر مبيعا فكان هذا بيع العبد بحنطة موصوفة في الذمة فيجوز ولو قال اشتريت منك كذا كر حنطة ووصفها بهذا العبد لا يجوز الا بطريق السلم لأنه جعل العبد ثمنا بدلالة حرف الباء فكانت الحنطة مبيعة فكان بائعا ما ليس عنده فلا يجوز الا بشرائط السلم من الأجل وبيان مكان الايفاء وقبض رأس المال ونحو ذلك عندنا وعند زفر لا يجوز ما لم يذكر لفظ السلم على ما مر وعلى هذا يخرج ما إذا قال بعت منك هذه الحنطة على أنها قفيز بقفيز حنطة ووصفها أو قال بعت منك هذه الحنطة على أنها قفيز بقفيزي شعير ووصفهما ما ان البيع جائز لأنه جعل العين منهما مبيعا والدين الموصوف في الذمة ثمنا بادخال حرف الباء عليه فيجوز لكن قبض الدين منهما قبل الافتراق بشرط لان من شرط جواز البيع أن يكون الافتراق فيه عن عين بعين وذلك بقبض الدين منهما لان الدين لا يتعين الا بالقبض ولو قبض الدين منهما ثم افترقا عن المجلس قبل قبض العين جاز لأنهما افترقا عن عين بعين ولو قال اشتريت منك قفيز حنطة ووصفها بهذا القفيز من الحنطة أو قال اشتريت منك قفيزي شعير ووصفهما بهذه الحنطة على أنها قفيز لا يجوز وان احضر الموصوف في المجلس لأنه جعل الموصوف منهما مبيعا والآخر ثمنا بقرينة حرف الباء فيكون بائعا ما ليس عنده وبيع ما ليس عند الانسان لا يكون الا بطريق السلم ولا سبيل إلى تجويزه سلما لان اسلام المكيل لا يجوز ولو تبايعا مكيلا موصوفا بمكيل موصوف أو موزونا موصوفا بموزون موصوف مما يتعين بالتعيين بأن قال بعت منك قفيز حنطة ووصفها بقفيز حنطة ووصفها أو بقفيزي شعير ووصفهما أو قال بعت منك من سكر ووصفه بمن سكر ووصفه وليس
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306