بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٢٧
أو لم يكن لها رأس فلا بأس لأنها لا تكون صورة بل تكون نقشا فان قطع رأسه بان خاط على عنقه خيطا فذاك ليس بشئ لأنها لم تخرج عن كونها صورة بل ازدادت حلية كالطوق لذوات الأطواق من الطيور ثم المكروه صورة ذي الروح فاما صورة ما لا روح له من الأشجار والقناديل ونحوها فلا بأس به ويكره التعشير والنقط في المصحف لقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما جردوا مصاحفكم وذلك في ترك التعشير والنقط ولان ذلك يؤدى إلى الخلل في تحفظ القرآن لأنه يتكل عليه فلا يجتهد في التحفظ بل يتكاسل لكن قيل هذا في بلادهم فاما في بلاد العجم فلا يكره لان العجم لا يقدرون على تعلم القرآن بدونه ولهذا جرى التعارف به في عامة البلاد من غير نكير فكان مسنونا لا مكروها ولا بأس بنقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب لان تزيين المسجد من باب تعظيمه سكن مع هذا تركه أفضل لان صرف المال إلى الفقراء أولى واليه أشار عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما حين رأى مالا ينقل إلى المسجد الحرام فقال المساكين أحوج من الأساطين وكان لمسجد رسول صلى الله عليه وسلم جريد النخل وهذا إذا نقش من مال نفسه فاما من مال المسجد فلا ينبغي أن يفعل ولو فعل القيم من مال المسجد قيل إنه يضمن ولا يعق عن الغلام والجارية عندنا وعند الشافعي رحمه الله العقيقة سنة واحتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهما كبشا كبشا (ولنا) ما روى عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال نسخت الأضحية كل دم كان قبلها ونسخ صوم رمضان كل صوم كان قبله ونسخت الزكاة كل صدقة كانت قبلها والعقيقة كانت قبل الأضحية فصارت منسوخة بها كالعتيرة والعقيقة ما كانت قبلها فرضا بل كانت فضلا وليس بعد نسخ الفضل الا الكراهة بخلاف صوم عاشوراء وبعض الصدقات المنسوخة حيث لا يكره التنفل بها بعد النسخ لان ذلك كان فرضا وانتساخ الفرضية لا يخرجه عن كونه قربة في نفسه والله سبحانه وتعالى أعلم ويكره للرجل أن يجعل الراية في عنق عبده ولا بأس بان يقيده اما الراية وهي الغل فلانه شئ أحدثته الجبابرة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فاما التقييد فليس بمحدث بل كان يستعمله الصحابة الكرام رضى الله تعالى عنهم روى أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قيد عبدا له يعلمه تأويل القرآن وبه جرت العادة في سائر الأعصار من غير نكير فيكون اجماعا ولان ضرب الراية على العبد لابقاء التمكن من الانتفاع مع الامن عن الإباق الا ان لا يحصل بالراية لان كل أحد إذا رآه يمشى مع الراية يظنه آبقا فيصرفه عن وجهه ويرده إلى مولاه فلا يمكنه الانتفاع به فلم يكن ضرب الراية عليه مفيدا ولا بأس بالحقنة لأنها من باب التداوي وأنه أمر مندوب إليه قال النبي عليه الصلاة والسلام تداووا فان الله تعالى لم يخلق داء الا وقد خلق له دواء الا السام والهرم ويكره اللعب بالنرد والشطرنج والأربعة عشر وهي لعب تستعمله اليهود لأنه قمار أو لعب وكل ذلك حرام (أما) القمار فلقوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس) وهو القمار كذا روى ابن عباس وابن سيدنا عمر رضي الله عنهم وروى عن مجاهد وسعيد بن جبير والشعبي وغيرهم رضي الله عنهم أنهم قالوا الميسر القمار كله حتى الجوز الذي يلعب به الصبيان وعن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال الشطرنج ميسر الأعاجم وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما ألهاكم عن ذكر الله فهو ميسر (وأما) اللعب فلقوله عليه الصلاة والسلام كل لعب حرام الا ملاعبة الرجل امرأته وقوسه وفرسه وقوله عليه الصلاة والسلام ما أنا من رد ولا رد منى وحكى عن الشافعي رحمه الله أنه رخص في اللعب بالشطرنج وقال لان فيه تشحيذ الخاطر وتذكية الفهم والعلم بتدابير الحرب ومكايده فكان من باب الأدب فأشبه الرماية والفروسية وبهذا لا يخرج عن كونه قمارا ولعبا وكل ذلك حرام لما ذكرنا وكره أبو يوسف التسليم على اللاعبين بالشطرنج تحقيرا لهم لزجرهم عن ذلك ولم يكره أبو حنيفة رضي الله عنه لان ذلك يشغلهم عماهم فيه فكان التسليم بعض ما يمنعهم عن ذلك فلا يكره ولا بأس بعيادة اليهود والنصارى لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد يهوديا فقال له قل لا إله إلا الله محمد رسول الله فنظر إلى أبيه
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306