بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٢٤
معلوم لا اشتباه فيه وقد روى عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه كان إذا اتزر أبدى سرته ولو كانت عورة لما احتمل منه كشفها هذا حكم النظر (وأما) حكم المس فلا خلاف في أن المصافحة حلال لقوله عليه الصلاة والسلام تصافحوا تحابوا وروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال إذا لقى المؤمن أخاه فصافحه تناثرت ذنوبه ولان الناس يتصافحون في سائر الأعصار في العهود والمواثيق فكانت سنة متوارثة واختلف في القبلة والمعانقة قال أبو حنيفة رضي الله عنه ومحمد رحمه الله يكره للرجل أن يقبل فم الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه وروى عن أبي يوسف رحمه الله أنه لا بأس به (ووجهه) ما روى أنه لما قدم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من الحبشة عانقه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل بين عينيه وأدنى درجات فعل النبي الحل وكذا روى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا رجعوا من أسفارهم كان يقبل بعضهم بعضا ويعانق بعضهم بعضا واحتجا بما روى أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل أيقبل بعضنا بعضا فقال لا فقيل أيعانق بعضنا بعضا فقال عليه الصلاة والسلام لا فقيل أيصافح بعضنا بعضا فقال عليه الصلاة والسلام نعم وذكر الشيخ أبو منصور رحمه الله ان المعانقة إنما تكره إذا كانت شبيهة بما وضعت للشهوة في حالة التجرد فاما إذا قصد بها المبرة والاكرام فلا تكره وكذا التقبيل الموضوع لقضاء الوطر والشهوة هو المحرم فإذا زال عن تلك الحالة أبيح وعلى هذا الوجه الذي ذكره الشيخ يحمل الحديث الذي احتج به أبو يوسف رحمه الله والله أعلم بالصواب (وأما) الثالث وهو بيان ما يحل من ذلك وما يحرم للمرأة من المرأة فكل ما يحل للرجل أن ينظر إليه من الرجل يحل للمرأة أن تنظر إليه من المرأة وكل ما لا يحل له لا يحل لها فتنظر المرأة من المرأة إلى سائر جسدها الا ما بين السرة والركبة لأنه ليس في نظر المرأة إلى المرأة خوف الشهوة والوقوع في الفتنة كما ليس ذلك في نظر الرجل إلى الرجل حتى لو خافت ذلك تجتنب عن النظر كما في الرجل ولا يجوز لها أن تنظر ما بين سرتها إلى الركبة الا عند الضرورة بأن كانت قابلة فلا بأس لها أن تنظر إلى الفرج عند الولادة وكذا لا بأس أن تنظر إليه لمعرفة البكارة في امرأة العنين والجارية المشتراة على شرط البكارة إذا اختصما وكذا إذا كان بها جرح أو قرح في موضع لا يحل للرجال النظر إليه فلا بأس أن تداويها إذا علمت المداواة فإن لم تعلم تعلم ثم تداويها فإن لم توجد امرأة تعلم المداواة ولا امرأة تتعلم وخيف عليها الهلاك أو بلاء أو وجع لا تحتمله يداويها الرجل لكن لا يكشف منها لا موضع الجرح ويغض بصره ما استطاع لان الحرمات الشرعية جاز أن يسقط اعتبارها شرعا لمكان الضرورة كحرمة الميتة وشرب الخمر حالة المخمضة والاكراه لكن الثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة لأن علة ثبوتها الضرورة والحكم لا يزيد على قدر العلة هذا الذي ذكرنا حكم النظر والمس (وأما) حكم الدخول في بيت الغير فالداخل لا يخلو اما أن يكون أجنبيا أو من محارمه فإن كان أجنبيا فلا يحل له الدخول فيه من غير استئذان لقوله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها قيل تستأنسوا أي تستأذنوا وقيل تستعلموا وهما متقاربان لان الاستئذان طلب الاذن والاستعلام طلب العلم والاذن اعلام وسواء كان السكن في البيت أو لم يكن لقوله تعالى فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وهذا يدل على أن الاستئذان ليس للسكان أنفسهم خاصة بل لأنفسهم ولأموالهم لان الانسان كما يتخذ البيت سترا لنفسه يتخذه سترا لأمواله وكما يكره اطلاع الغير على نفسه يكره اطلاعه على أمواله وفى بعض الأخبار ان من دخل بيتا بغير اذن قال له الملك الموكل به عصيت وآذيت فيسمع صوته الخلق كلهم الا الثقلين فيصعد صوته إلى السماء الدنيا فتقول ملائكة السماء أف لفلان عصى ربه وأذى وإذا استأذن فأذن له حل له الدخول يدخل ثم يسلم ولا يقدم التسليم على الدخول كما قال بعض الناس لقوله سبحانه وتعالى فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة ولأنه لو سلم قبل الدخول فإذا دخل يحتاج إلى التسليم ثانيا وان لم يؤذن له بالدخول وقيل له ارجع فليرجع ويكره له أن يقعد على الباب لقوله عز وجل وان قيل لكم ارجعوا فارجعوا وفى بعض الأخبار الاستئذان ثلاث مرات من لم يؤذن له فيهن فليرجع أما الأول فيسمع الحي وأما الثاني فيأخذوا حذرهم وأما
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306