بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٢٢
ذلك عادة الا بكشف الوجه والكفين فيحل لها الكشف وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله انه يحل النظر إلى القدمين أيضا (وجه) هذه الرواية ما روى عن سيدتنا عائشة رضى الله تعالى عنها في قوله تبارك وتعالى الا ما ظهر منها القلب والفتخة وهي خاتم أصبع الرجل فدل على جواز النظر إلى القدمين ولان الله تعالى نهى عن ابداء الزينة واستثنى ما ظهر منها والقدمان ظاهرتان ألا ترى انهما يظهران عند المشي فكانا من جملة المستثنى من الحظر فيباح ابداؤهما (وجه) ظاهر الرواية ما روى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله جل شأنه الا ما ظهر منها انه الكحل والخاتم وروى عنه في رواية أخرى أنه قال الكف والوجه فيبقى ما وراء المستثنى على ظاهر النهى ولان إباحة النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها للحاجة إلى كشفها في الاخذ والعطاء ولا حاجة إلى كشف القدمين فلا يباح النظر إليهما ثم إنما يحل النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة منها من غيرة شهوة فاما عن شهوة فلا يحل لقوله عليه الصلاة والسلام العينان تزنيان وليس زنا العينين الا النظر عن شهوة ولان النظر عن شهوة سبب الوقوع في الحرام فيكون حراما الا في حالة الضرورة بان دعى إلى شهادة أو كان حاكما فأراد أن ينظر إليها ليجيز اقرارها عليها فلا بأس أن ينظر إلى وجهها وإن كان لو نظر إليها لاشتهى أو كان أكبر رأيه ذلك لان الحرمات قد يسقط اعتبارها لمكان الضرورة ألا ترى انه خص النظر إلى عين الفرج لمن قصد إقامة حسبة الشهادة على الزنا ومعلوم ان النظر إلى الفرج في الحرمة فوق النظر إلى الوجه ومع ذلك سقطت حرمته لمكان الضرورة فهذا أولى وكذا إذا أراد أن يتزوج امرأة فلا بأس أن ينظر إلى وجهها وإن كان عن شهوة لان النكاح بعد تقديم النظر أدل على الألفة والموافقة الداعية إلى تحصيل المقاصد على ما قال النبي عليه الصلاة والسلام للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين أراد أن يتزوج امرأة اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أو يدوم بينكما دعاه عليه الصلاة والسلام إلى النظر مطلقا وعلل عليه الصلاة والسلام بكونه وسيلة إلى الألفة والموافقة (وأما) المرأة فلا يحل لها النظر من الرجل الأجنبي ما بين السرة إلى الركبة ولا بأس أن تنظر إلى ما سوى ذلك إذا كانت تأمن على نفسها والأفضل للشاب غض البصر عن وجه الأجنبية وكذا الشابة لما فيه من خوف حدوث الشهوة والوقوع في الفتنة يؤيده المروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم ا أنه قال في قوله تبارك وتعالى الا ما ظهر منها انه الرداء والثياب فكان غض البصر وترك النظر أزكى وأطهر وذلك قوله عز وجل قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم وروى أن أعميين دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده بعض أزواجه سيدتنا عائشة رضي الله عنها وأخرى فقال لهما قوما فقالتا انهما أعميان يا رسول الله فقال لهما اعميا وان أنتما الا إذا لم يكونا من أهل الشهوة بأن كان شيخين كبيرين لعدم احتمال حدوث الشهوة فيهما والعبد فيما ينظر إلى مولاته كالحر الذي لا قرابة بينه وبينها سواء وكذا الفحل والخصي والعنين والمخنث إذا بلغ مبلغ الرجال سواء لعموم قوله تبارك وتعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم واطلاق قوله عز شأنه ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها ولان الرق والخصاء لا يعدمان الشهوة وكذا العنة والخنوثة (أما) الرق فظاهر (وأما) الخصاء فان الخصي رجل الا أنه مثل به إلى هذا أشارت سيدتنا عائشة رضي الله عنها فقالت إنه رجل مثل به أفتحل له المثلة ما حرم الله تبارك وتعالى على غيره (وأما) العنة والخنوثة فالعنين والمخنث رجلان فان قيل أليس ان المملوك بملك اليمين للمرأة مستثنى من قوله جل وعلا ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن إلى قوله عز شأنه الا ما ملكت أيمانهن من غير فصل بين العبد والأمة والاستثناء من الحظر إباحة فالجواب ان قوله سبحانه وتعالى الا ما ملكت أيمانهن ينصرف إلى الإماء لان حكم العبيد صار معلوما بقوله سبحانه وتعالى أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال إذ العبد من جملة التابعين من الرجال فكان قوله عز شأنه الا ما ملكت ايمانهن مصروفا إلى الإماء لئلا يؤدى إلى التكرار فان قيل حكم الإماء صار معلوما بقوله تبارك وتعالى أو التابيعن فالصرف إليهن يؤدى إلى التكرار أيضا فالجواب ان المراد بالنساء الحرائر فوقعت الحاجة إلى تعريف حكم الإماء فأبان بقوله جل شأنه أو ما ملكت أيمانهن ان حكم الحرة والأمة فيه سواء
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306