المبسوط - السرخسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٥١
طلب العلم قلنا ما ذكرنا من التفسير مروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال طلب الكسب بعد الصلاة المكتوبة هي الفريضة بعد الفريضة وتلا قوله تعالى فإذا قضيت الصلاة فلا يترك ذلك بقول مكحول ومجاهد رحمهما الله والظاهر يؤيد ما ذكرنا بدليل ما ذكر بعده وإذا رأوا تجارة الآية وكانوا انفضوا بذلك في حال خطبته فنهوا عن ذلك وأمروا به بعد الفراغ من الصلاة * فان قيل الامر بعد النهى يفيد الإباحة * قلنا الامر حقيقة للإيجاب ولو كان المراد هو الإباحة والرخصة لقال فلا جناح عليكم أن تبتغوا من فضل الله كما قال في باب طريق الحج ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم والدليل عليه أن الله تعالى امر بالانفاق على العيال من الزوجات والأولاد والمعتدات ولا يتمكن من الانفاق عليهم الا بتحصيل المال بالكسب وما يتوصل به إلى أداء الواجب يكون واجبا والمعقول يشهد له فان في الكسب نظام العالم والله تعالى حكم ببقاء العالم إلى حين فنائه وجعل سبب البقاء والنظام كسب العباد وفى تركه تخريب نظامه وذلك ممنوع منه * فان قيل فبقاء هذا النظام يتعلق بالتسافد بين الحيوان وأحد لا يقول بفرضية ذلك * قلنا نعم ان الله تعالى علق البقاء بتسافد الحيوانات وركب الشهوة في طباعهم وتلك الشهوة تحملهم على مباشرة ذلك الفعل فلا تقع الحاجة إلى أن يجعل ذلك فرضا عليهم لكيلا يمتنعوا من ذلك فان الطبع داع إلى اقتضاء الشهوة * فاما الاكتساب في الابتداء فكد وتعب وقد تعلق به بقاء نظام العالم فلو لم يجعل أصله فرضا لاجتمع الناس عن آخرهم على تركه لأنه ليس في طبعهم ما يدعو إلى الكد والتعب فجعل الشرع أصله فرضا لكيلا يجتمعوا على تركه فيحصل ما هو المقصود وجميع ما ذكروا من التقسيمات يبطل بما أشار إليه محمد رحمه الله في قوله طلب الكسب فريضة كما أن طلب العلم فريضة * فان هذه التقسيمات تأتي في العلم ومع ذلك كان أصله فرضا بالاتفاق فكذلك طلب الكسب وكان معنى الفريضة ما بينا من بقاء نظام العالم به ولا يوجد ذلك في الاستكثار منه على قصد التكاثر والتفاخر وإنما ذم الله تعالى الاستكثار إذا كان بهذه الصفة فقال عز وجل وتفاخر بينكم وتكاثر ثم ينبنى على هذه المسألة مسألة أخرى وهي انه بعد ما اكتسب ما لا بد منه هل الاشتغال بالاكتساب أفضل أم التفرغ للعبادة قال بعض الفقهاء رحمهم الله الاشتغال بالكسب أفضل وأكثر مشايخنا رحمهم الله على أن التفرغ للعبادة أفضل وجه القول الأول أن منفعة الاكتساب أعم فان ما يكتسبه الزارع تصل منفعته إلى الجماعة عادة والذي يشتغل بالعبادة
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ميراث ذوى الأرحام 2
2 باب ميراث أولاد الإخوة من ذوى الأرحام 13
3 فضل في بيان من له قرابتان من البنات والأخوات 15
4 فصل في بيان ذي القرابتين من بنات الاخوة وأولاد الأخوات 17
5 باب ميراث العمات والأخوال والخالات 18
6 فصل في ميراث أولاد العمات والأخوال والخالات 20
7 فصل في ميراث أعمام الام وعماتها وأخوال الام وخالاتها 23
8 باب الفاسد من الأجداد والجدات 24
9 باب الحرقى والغرقى 27
10 باب مواريث أهل الكفر 30
11 فصل في ميراث المجوس 33
12 فصل في ميراث المرتد 37
13 باب الولاء 38
14 فصل في ولاء الموالاة 43
15 باب ميراث القاتل 46
16 باب ميراث الحمل 50
17 فصل في ميراث المفقود 54
18 باب المناسخة 55
19 باب طلاق المريض 60
20 باب ما يسأل عنه من المتشابه في غير ولاء مجوسي 61
21 باب السؤال في بنات الابن والاخوة 66
22 باب من متشابه النسب 67
23 فصل فيما يسأل عنه من المحال الذي لا يكون 68
24 باب اقرار الرجل بالنسب 69
25 باب اقرار الورثة بوارث بعد وارث 71
26 باب الاقرار بعد قسم الميراث 88
27 كتاب فرائض الخنثى 91
28 كتاب الخنثى 103
29 كتاب حساب الوصايا 114
30 كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى 128
31 كتاب الشروط 168
32 كتاب الحيل 209
33 باب الإجارة 215
34 باب الوكالة 220
35 باب الصلح 222
36 باب الايمان 231
37 باب في البيع والشراء 237
38 باب الاستحلاف 241
39 كتاب الكسب 244
40 كتاب الرضاع 287
41 كتاب تفسير التحريم بالنسب 290
42 باب تفسير لبن الفحل 293
43 باب نكاح الشبهة 303