المبسوط - السرخسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٤٨
تكون تجارة حاضرة الآية ففي بعض هذه الآيات تنصيص على الحل وفى بعضها ندب إلى الاشتغال بالتجارة فمن يقول بحرمتها إنما يخاطبنا بما يفهمه ولفظ البيع والشراء حقيقة للتصرف في المال بطريق الاكتساب والكلام محمول علي حقيقة لا يجوز تركها إلى نوع من المجاز الا عند قيام الدليل كما فيما استشهدوا به من قوله تعالى ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم فقد قام الدليل على أن المراد به المجاز ولما لم يوجد مثل ذلك هنا فكان محمولا علي حقيقته وقال الله تعالى فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض والمراد التجارة وقال الله تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم يعنى التجارة في طريق الحج وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان أطيب ما أكلتم من كسب أيديكم وان أخي داود كان يأكل من كسب يده والمراد الإشارة إلى قوله تعالى كلوا من طيبات ما رزقناكم وأقوى ما تعتمده ان الاكتساب طريق المرسلين صلوات الله عليهم وقد قررنا ذلك ولا معنى لمعارضتهم إيانا في ذلك بيحيى وعيسى عليهما السلام فقد بينا ان عيسى عليه السلام كان يأكل من غزل أمه رضي الله عنها ثم يقول إن الأنبياء عليهم السلام في هذا ليس كغيرهم فقد بعثوا لدعوة الناس إلى دين الحق واظهار ذلك لهم فكانوا مشغولين بما بعثوا لأجله ولم يشتغلوا عامة أوقاتهم بالكسب لهذا وقد اكتسبوا في بعض الأوقات ليبينوا للناس ان ذلك مما ينبغي أن يشتغل به المرء وانه لا ينفى التوكل على الله تعالى كما ظنه هؤلاء الجهال وقد بين هذا عمر رضي الله عنه في حديثه حيث مر بقوم من القراء فرآهم جلوسا قد نكسوا رؤوسهم فقال من هؤلاء فقال هم المتوكلون فقال كلا ولكنهم المتأكلون يأكلون أموال الناس ألا أنبئكم من المتوكلون فقيل نعم فقال هو الذي يلقى الحب في الأرض ثم يتوكل على ربه عز وجل وفى رواية أخرى عنه قال يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم واكتسبوا لأنفسكم ودعواهم ان الكبار من الصحابة رضي الله عنه كانوا لا يكتسبون دعوى باطل فقد روى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان بزارا وعمر رضي الله عنه كان يعمل في الأدم وعثمان كان تاجرا يجلب إليه الطعام فيبيعه وعلى رضي الله عنه كان يكسب على ما روى أنه أجر نفسه غير مرة حتى أجر نفسه من يهودي وقال للوزان زن وأرجح فان معاشر الأنبياء هكذا تزن وباع رسول الله صلى الله عليه وسلم قعبا وحلسا من يزيد واشترى ناقة من اعرابي وأوفاه ثمنها ثم جحد الاعرابي وقال هلم شاهد قال عليه السلام من يشهد لي فقال خزيمة بن ثابت رضي الله عنه أنا أشهد لك
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ميراث ذوى الأرحام 2
2 باب ميراث أولاد الإخوة من ذوى الأرحام 13
3 فضل في بيان من له قرابتان من البنات والأخوات 15
4 فصل في بيان ذي القرابتين من بنات الاخوة وأولاد الأخوات 17
5 باب ميراث العمات والأخوال والخالات 18
6 فصل في ميراث أولاد العمات والأخوال والخالات 20
7 فصل في ميراث أعمام الام وعماتها وأخوال الام وخالاتها 23
8 باب الفاسد من الأجداد والجدات 24
9 باب الحرقى والغرقى 27
10 باب مواريث أهل الكفر 30
11 فصل في ميراث المجوس 33
12 فصل في ميراث المرتد 37
13 باب الولاء 38
14 فصل في ولاء الموالاة 43
15 باب ميراث القاتل 46
16 باب ميراث الحمل 50
17 فصل في ميراث المفقود 54
18 باب المناسخة 55
19 باب طلاق المريض 60
20 باب ما يسأل عنه من المتشابه في غير ولاء مجوسي 61
21 باب السؤال في بنات الابن والاخوة 66
22 باب من متشابه النسب 67
23 فصل فيما يسأل عنه من المحال الذي لا يكون 68
24 باب اقرار الرجل بالنسب 69
25 باب اقرار الورثة بوارث بعد وارث 71
26 باب الاقرار بعد قسم الميراث 88
27 كتاب فرائض الخنثى 91
28 كتاب الخنثى 103
29 كتاب حساب الوصايا 114
30 كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى 128
31 كتاب الشروط 168
32 كتاب الحيل 209
33 باب الإجارة 215
34 باب الوكالة 220
35 باب الصلح 222
36 باب الايمان 231
37 باب في البيع والشراء 237
38 باب الاستحلاف 241
39 كتاب الكسب 244
40 كتاب الرضاع 287
41 كتاب تفسير التحريم بالنسب 290
42 باب تفسير لبن الفحل 293
43 باب نكاح الشبهة 303