المبسوط - السرخسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٥٥
أيضا ومنهم من قال هما سواء واستدلوا بقوله عليه السلام الطاعم الشاكر كالجائع الصابر ولان الله تعالى اثنى في كتابه على عبدين وأثنى على كل واحد منهم بنعم العبد أحدهما بنعم عليه فشكر وهو داود قال الله ووهبنا لداود الآية والآخر ابتلى فصبر وهو أيوب عليه السلام قال الله تعالى انا وجدناه صابرا الآية فعرفنا انهما سواء ومنهم من قال الشكر على الغنى أفضل لقوله عليه السلام الحمد لله على كل نعمة وقال عليه السلام لو أن جميع الدنيا صارت لقمة فتناولها عبد وقال الحمد لله رب العالمين كان بما أتى به خيرا مما أوتى يعنى لما في هذه الكلمة من الثناء على الله تعالى وتبين بالحديث الأول ان الشكر يكون بالثناء علي الله تعالى فكان أفضل من الصبر والدليل عليه قوله تعالى اعملوا آل داود شكرا وهذا يعم جميع الطاعات ولا شك ان ما يعم جميع الطاعات فهو أعلى الدرجات وذلك لا يوجد في الصبر على الفقر والمذهب عندنا ان الصبر على الفقر أفضل قال عليه السلام الصبر نصف الايمان * وقال عليه السلام الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ولان في الفقر معنى الابتلاء والصبر على الابتلاء يكون أفضل من الشكر على النعمة يعتبر هذا بسائر أنواع الابتلاء فان الصبر على ألم المرض يكون أعظم في الثواب من الشكر على صحة البدن وكذلك الصبر على العمى أفضل من الشكر على البصر قال عليه السلام فيما يأثر عن ربه عز وجل من أخذت كريمته وصبر على ذلك فلا جزاء له عندي الا الجنة أو قال الجنة والرؤية وهذا الفقه وهو أن للمؤمن ثوابا في نفس المصيبة قال عليه السلام يؤجر المؤمن في كل شئ حتى الشوكة تشاكه في رجله * والدليل عليه أن ماعزا رضي الله عنه حين أصابه حر الحجارة هرب وكان ذلك منه نوع اضطراب ثم مع ذلك قال فيه رسول الله لقد تاب توبة لو قسمت توبته على جميع أهل الأرض لوسعتهم فعرفنا أن نفس المصيبة للمؤمن ثواب وفى الصبر عليها ثواب أيضا فاما نفس المغنى فلا ثواب فيه وإنما الثواب في الشكر علي الغنى وما ينال به الثواب من الوجهين يكون أعلى مما ينال فيه الثواب من وجه واحد وكما أن في الشكر على الغنى ثناء على الله تعالى ففي الصبر على المصيبة كذا لقوله تعالى الذين إذا أصابتهم مصيبة الآية وحكى أن غنيا وفقيرا تناظرا في هذه المسألة فقال الغني الشاكر انا أفضل فان الله تعالى استقرض من الأغنياء فقال عز وجل من ذا الذي يقرض الله الآية * وقال الفقير ان الله تعالى إنما استقرض من الأغنياء للفقراء وقد يستقرض من الخبيث وغير الخبيث ولا يستقرض الا الاجل يوضحه ان الغنى يحتاج إلى الفقير ولا يحتاج الفقير إلى الغني لان الغنى يلزمه
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ميراث ذوى الأرحام 2
2 باب ميراث أولاد الإخوة من ذوى الأرحام 13
3 فضل في بيان من له قرابتان من البنات والأخوات 15
4 فصل في بيان ذي القرابتين من بنات الاخوة وأولاد الأخوات 17
5 باب ميراث العمات والأخوال والخالات 18
6 فصل في ميراث أولاد العمات والأخوال والخالات 20
7 فصل في ميراث أعمام الام وعماتها وأخوال الام وخالاتها 23
8 باب الفاسد من الأجداد والجدات 24
9 باب الحرقى والغرقى 27
10 باب مواريث أهل الكفر 30
11 فصل في ميراث المجوس 33
12 فصل في ميراث المرتد 37
13 باب الولاء 38
14 فصل في ولاء الموالاة 43
15 باب ميراث القاتل 46
16 باب ميراث الحمل 50
17 فصل في ميراث المفقود 54
18 باب المناسخة 55
19 باب طلاق المريض 60
20 باب ما يسأل عنه من المتشابه في غير ولاء مجوسي 61
21 باب السؤال في بنات الابن والاخوة 66
22 باب من متشابه النسب 67
23 فصل فيما يسأل عنه من المحال الذي لا يكون 68
24 باب اقرار الرجل بالنسب 69
25 باب اقرار الورثة بوارث بعد وارث 71
26 باب الاقرار بعد قسم الميراث 88
27 كتاب فرائض الخنثى 91
28 كتاب الخنثى 103
29 كتاب حساب الوصايا 114
30 كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى 128
31 كتاب الشروط 168
32 كتاب الحيل 209
33 باب الإجارة 215
34 باب الوكالة 220
35 باب الصلح 222
36 باب الايمان 231
37 باب في البيع والشراء 237
38 باب الاستحلاف 241
39 كتاب الكسب 244
40 كتاب الرضاع 287
41 كتاب تفسير التحريم بالنسب 290
42 باب تفسير لبن الفحل 293
43 باب نكاح الشبهة 303