المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ٣٧
رضي الأولياء أن يتبعوا بالدية لم يبق لهم حق في العبد فكذلك إذا اختار المولى ذلك في حال ما ثبت له الخيار شرعا وقيل إن هذه المسألة في الحقيقة تبنى على اختلافهم في التفليس وعند أبي حنيفة التفليس ليس بشئ والمال غاد ورائح وهذا التصريف من المولى يكون تحويلا لحق الأولياء إلى ذمته لا ابطالا وعندهما التفليس معتبر والمال في ذمة المفلس يكون تاويا فيكون هذا الاختيار من المولى ابطالا لحق الأولياء وقد روي عن أبي يوسف ان اختيار المولى ها هنا معتبر حتى لا يكون لأولياء الجناية حق تملك العبد بالأخذ بعد هذا الاختيار ولكن يباع العبد فيه فيدفع ثمنه إلى الأولياء من حساب الدية التي على المولى وهو بناء على مذهب أبي يوسف في الحجر بسبب الدين فإنه يقول القاضي يحجر على المديون ويبيع عليه ماله وعند أبي حنيفة لا يفعل ذلك وقد بينا هذا في كتاب الحجر قال وإذا جنى العبد جناية خطأ ثم أقر المجني عليه انه حر قبل الدفع إليه فلا حق له في رقبة العبد ولا على المولى لأنه يزعم أنه حر وان جنايته على عاقلته ولا يستحق بها رقبته وزعمه معتبر في حقه فلا سبيل له على العبد بعد هذا الاقرار ولا شئ له على المولى لأنه لم يدع على المولى بعد الجناية حتى يصير به مختارا أو مستهلكا ولو كان اقرار المجني عليه بعد ما دفع إليه العبد فهو حر لأنه ملكه بالدفع وقد أقر بحريته فيعتق باقراره ويكون موقوف الولاء بمنزلة من اشترى عبدا ثم أقر ان البائع كان أعتقه قال وإذا جنت الأمة جناية ثم ولدت ولدا أو اكتسبت كسبا فان مولاها يدفعها بالجناية ولا يدفع ولدها ولا كسبها لان استحقاق نفسها بالجناية الخطأ كاستحقاق نفسها بالعمد قصاصا وذلك لا يسري إلى الكسب والولد وهذا لان حق ولي الجناية غير متأكد في عينها (ألا ترى) ان المولى مخير بين أن يدفعها أو يفديها بالأرش وإنما يسري إلى الولد ما يكون متأكدا في الأصل حين انفصل الولد عنها وأما الكسب فإنما يملك بملك الأصل وعند الاكتساب كان ملك الأصل للمولى دون المجني عليه فان جنى عليها فأخذ المولى لذلك أرشا فإنه يدفع الأرش معها لان الأرش عوض عن الجزء الفائت منها بالجناية وحق ولي الجناية كان ثابتا فيها بجميع أجزائها فيثبت في بدل جزء منها أيضا والجزء معتبر بالكل ولو قتلت وأخذ المولى قيمتها كان عليه دفع تلك القيمة إلى ولي الجنابة فكذلك إذا أخذ أرش جزء منها بخلاف الولد فإنه حر وهو زيادة حادثة بعد الجناية وحق الولي إنما يثبت في الاجزاء الموجودة عند الجناية وإن كان جنى عليها قبل جنايتها لم يدفع المولى ذلك الأرش معها لان الجزء الفائت بتلك الجناية
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست