المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ٣٦
روى عن أبي يوسف انه فرق بين ما إذا أعطى الأرش بغير قضاء وبين ما إذا أعطاه بقضاء القاضي قال إذا أعطاه بقضاء القاضي فان المجروح بخير خيارا مستقبلا بخلاف ما إذا أعطاه بغير قضاء القاضي فان ذلك اختيار منه للدية طوعا بمنزلة من اشترى دارا بعبد فاخذها الشفيع بقيمة العبد ثم استحق العبد فان أخذها بقضاء القاضي بطلت شفعته ووجب عليه ردها وان أخذها بغير قضاء القاضي جعل ذلك كالشراء المبتدأ وعن زفر أنه قال في الوجهين جميعا يصير مختار الآن القاضي إنما قضي بالأرش بناء على اختياره قال وإذا جنى العبد جناية فاختار المولى إمساك عبده وليس عنده ما يؤدى وكان ذلك عند قاضي أو عند غير قاض فالعبد عبده والأرش دين عليه في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد ان أدى الدية مكانه والا دفع العبد إلا أن يرضى الأولياء أن يتبعوه بالدية على ما قال فان رضوا بذلك لم يكن لهم بعد ذلك أن يرجعوا في العبد وجه قولهما أن نفس صاحب الدار صار حقا لمولى الجناية إلا أن المولى يتمكن من تحويل حقهم من العبد إلى الأرش باختياره الفداء فإذا أعطاهم الأرش كان هذا تحويلا لحقهم من محل إلى محل فيه وفاء بحقهم فيكون صحيحا منه وإذا كان مفلسا كان هذا منه ابطالا لحقهم لا تحويلا من محل إلى محل يعد له فيكون ذلك باطلا من المولى وهذا لان ثبوت الخيار للمولى كان على وجه النظر من الشرع وإنما يثبت على وجه لا يتضرر به صاحب الحق فإذا آل الامر إلى الضرر كان باطلا بمنزلة المحتال عليه إذا مات مفلسا فان الدين يعود إلى ذمة المحيل لأنه حول حقه من ذمته إلى ذمة المحتال عليه بشرط أن يسلم له فإذا لم يسلم عاد كما وفي بيع المعاوضة إذا هلك أحد العوضين قبل القبض بطل العقد في الاخر لان صاحبه حول حقه إلى العوض الآخر بشرط أن يسلم له فإذا لم يسلم عاد كما كان وكذلك في البيع والاخر بالشفعة ان سلم الثمن كان له أن يأخذ الدار وان عجز عن ذلك لم يكن له أن يأخذها إلا أن يرضي البائع والمشتري في فصل الشفعة بالتسليم فهاهنا أيضا ان رضي الولي كان مسقطا حقه في العبد وان أبى كان له أن يأخذ العبد وأبو حنيفة يقول بجناية العبد يخير المولى بين الدفع والفداء والمخير بين اثنين إذا اختار أحدهما تعين ذلك واجبا من الأصل كالمكفر إذا اختار أحد الأنواع الثلاثة فهاهنا باختياره تبين أن الواجب هو الدية في ذمة المولى من الأصل وان العبد فارغ من الجنابة فلا يكون لأولياء الجناية عليه سبيل * يوضحه ان من ثبت له الخيار شرعا يستبد بالخيار من غير أن يحتاج إلى رضا صاحبه ولو
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست