المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٧٢
(باب الوصية في الحج) (قال رحمه الله) وإذا أوصى الرجل أن يحج عنه بمائة درهم وثلثه أقل من مائة فإنه يحج عنه بالثلث من حيث يبلغ لان محل الوصية الثلث وللموصى له الوارث المنفعة وهو قصد بهذه الوصية صرف المائة من ماله إلى هذا النوع من القربة فيجب تحصيل مقصوده بحسب الامكان كما لو أوصى أن يتصدق بمائة من ماله وثلثه أقل من مائة يتصدق عنه بقدر الثلث * ولو أوصى أن يحج عنه حجة بمائة درهم وهي ثلثه فأحج الوصي بها فبقي من نفقة الحاج وكسوته واطعامه شئ كان ذلك لورثة الميت لان الحاج عن الغير له أن ينفق على نفسه من ماله في الذهاب والرجوع ولاحق له فيما يفضل من ذلك على ما بينا في المناسك ان الاستئجار على الحج لا يجوز فما يفضل بعد رجوعه فهو من مال الميت وقد فرغ عن وصيته فيكون لورثته فان جامع ففسد حجه فعليه الكفارة ورد ما بقي من النفقة والكسوة ويضمن ما أنفق لأنه أذن له في الانفاق بشرط أن يؤدى بسفره حجة صحيحة وقد فوت هذا الشرط بالافساد فعليه رد ما بقي وهو ضامن لما أنفق لأنه تبين انه اتفق بغير رضى الموصى ثم ذكر ما لو اعتمر قبل الحج أو قرن أو اعتمر عن آخر وقد تقدم بيان هذه الفصول في المناسك ولو استأجروا رجلا ليحج عنه فحج كان عليه أن يرد ما يفضل في يده من النفقة لان الاستئجار لم يصادف محله فكان باطلا ومنى بطلت الإجارة بقي مجرد الاذن كما في استئجار النخيل لترك الثمار عليها إلى وقت الادراك فعليه أن يرد ما فضل في يده وليس عليه شئ مما أنفق لأنه أنفق باذن صحيح وان عجزت النفقة عنه كان عليهم أن يكملوا له نفقة مثله وما لا بد منه له وتجزى الحجة عن الميت بمنزلة ما لو أمروه بان يحج عن الميت من غير استئجار * وإذا أوصى أن يحج عنه فالأفضل أن يحج من قد حج لأنه أقدر على أداء الأفعال وأبصر بذلك وهو أبعد عن خلاف العلماء واشتباه الآثار وان حج عنه صرورة جاز عندنا خلافا للشافعي وقد بيناه في المناسك وان أحجوا عنه امرأة فإنه يجزيهم ذلك لان الخثعمية حين استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن تحج عن أبيها أذن لها في ذلك واستحسن ذلك منها فدل على أنه يجوز احجاج المرأة عن الرجل وقد أساؤا في ذلك لنقصان حال النساء في باب الاحرام حتى أن المرأة تلبس المخيط في احرامها ولا ترفع صوتها بالتلبية ولا ترمل في الطواف ولا تسعى في بطن الوادي وتترك طواف الصدر بعذر الحيض ولا ضرورة لهم في احجاجها عن الميت لان فيمن يحج عن الرجال كثرة وان كانت المرأة هي الموصية فأحجوا عنها رجلا أجزأها لان
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست