المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٧٤
فوطنه حيث حل وان أحجوا عنه من موضع آخر فإن كان أقرب إلى مكة فهم ضامنون وإن كان بعد فلا ضمان عليهم لان في الأول لم يحصل مقصوده بصفة الكمال والاطلاق يقتضي ذلك وفي الثاني حصلوا مقصوده وزيادة وان أوصى أن يحجوا عنه فأحجوا رجلا فسرقت نفقته في بعض الطريق فرجع عليهم أن يحجوا آخر من ثلث ما بقي في أيديهم من حيث أوصى الميت في قول أبي حنيفة وفي قول أبى يوسف ان بقي من ثلث ماله ما يمكن أن يحج به من حيث أوصى فكذلك الجواب في قول محمد إن لم يبق شئ من ثلث عزل للحج تبطل الوصية وعلى هذا الخلاف لو قال أعتقوا عنى نسمة بمائة درهم فاشتروها فماتت قبل أن تعتق كان عليهم أن يعتقوا من ثلث ما بقي في أيديهم وفي قول محمد بطلت الوصية لان الوصي قائم مقام الموصي والورثة كذلك يقومون مقام المورث في تنفيذ وصيته فكان تعيين الموصى والورثة بعض المال لوصيته كتعيين الموصي ولو عينه بنفسه فهلك ذلك المال بطلت الوصية فكذلك إذا عين ذلك المال لوصيته وقاسم الورثة ثم هلك بطلت الوصية والدليل عليه أن مقاسمة الوصي مع الموصى له على الورثة يصح فلان تصح مقاسمته مع الورثة عن الموصى كان أولى لان الموصى أقامه مقام نفسه باختياره والورثة في تمييز محل الميراث من محل الوصية تصح فأما مقاسمته في تمييز محل الوصية عن البعض لا يجوز فما بقي من الثلث شئ فقد بقي محل الوصية فيجب تنفيذ الوصية باعتبار ما بقي وهو نظير مقاسمة الوصي عن الصغير مع الكبير تصح ومقاسمته بين الصغار لتمييز نصيب بعضهم عن بعض لا تصح وأبو حنيفة يقول مقصود الموصى لم يكن المقاسمة وإنما كان لتحصيل القرية له بالعتق ويجعل الهالك على التركة كأن لم يكن فتنفذ الوصية في هذه القسمة من ثلث ما بقي وفيه جواب عما قاله محمد رحمه الله ان الوصي إنما يقوم مقام الموصى فما فيه تحصيل مقصوده خاصة وهذا بخلاف مقاسمته مع الموصي له لان فيه تحصيل مقصوده فان مقصوده تنفيذ الوصية وفي هذه المسألة تنفيذ الوصية وهذه المسألة في الحقيقة نظير الأولى في المعنى فان السفر كان مقصودة فيدور مع ذلك المقصود جعل ذلك أبو حنيفة وجوده كعدمه وهاهنا التعيين والقسمة لمقصود فإذا لم يحصل ذلك المقصود كان وجود القسمة كعدمها ولو كان الموصي له بالثلث غائبا فقاسم الموصي الورثة على الموصى له لم تجز عليه حتى إذا هلك في يده ما عزله للموصى له
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست