المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٨٥
على ورثته بيع فيه العبد وكان بمنزلة الدين في عتقه لأنه إنما جنى العبد بذلك الفداء ولولاه لكانت نفسه مستحقة بالجناية وإذا أبى صاحب الخدمة في أول الأمر أن يفدى لم يجز على ذلك لأنه لا يملك شيئا من الرقبة وقد رضى ببطلان حقه في الخدمة حين أبى أن يفدى ويقال لصاحب الرقبة ادفعه أو افده فأيهما صنع بطلت وصية صاحب الخدمة لأنه ان دفعه فقد فات محل وصيته وان فداه فإنما يفديه بما أسلم له من خدمته والموصى له حين أبى أن يفديه فقد رضى بصيرورة العبد مستهلكا فيما لحقه من الجناية والغرم ولو قتل رجل العبد خطأ ولم يجن العبد فعلى عاقلة القاتل قيمته يشترى بها عند عدم صاحب الخدمة لان القيمة قائمة مقام الرقبة وقد كانت الرقبة للموصى له بها مشغولة بحق الموصى له بالخدمة فيها فكذلك ما يقوم مقامها ولا يقال حق الموصى له بالخدمة في المنفعة والمنفعة لا تتقوم بالاتلاف لان الوصية بالخدمة وان تعلقت بالمنفعة فالاستحقاق بها يتعدى إلى العين ولهذا يعتبر خروج العين من الثلث والقيمة بدل العين فيشترى بها ما يقوم مقام العين الأولى ويثبت فيه حق صاحب الخدمة كما كان ثابتا في الأولى وإن كان القتل عمدا فلا قصاص فيه إلا أن يجتمع على ذلك صاحب الرقبة وصاحب الخدمة أما صاحب الرقبة فلانه هو المالك للعبد وولاية استيفاء القصاص تثبت بملك الرقبة وأما صاحب الخدمة فلان في استيفاء القصاص ابطال حقه في الخدمة وهو حق لازم له فلا يجوز ابطاله بغير رضاه فان اختلفا فيه تعذر استيفاء القصاص فوجب قيمته في مال القاتل يشترى بها عبدا فيخدمه مكانه لان في استيفاء المال مراعاة الحقين ولو فقأ رجل عينيه أو قطع يده دفع العبد وأخذت قيمته صحيحا لأن هذه الجناية استهلاك له حكما فيعتبر باستهلاكه حقيقة فيوجب قيمته صحيحا من الجاني بعد تسليم الجثة إليه ويشترى بها عبدا مكانه ولو قطعت يده أو فقئت عينه أو شج موضحة فادى القاتل أرش ذلك فإن كانت الجناية تنقص الخدمة اشترى بالأرش عبدا آخر يخدم صاحب الخدمة مع العبد الأول لان الأرش بدل الفائت بالجناية وقد كان حق الموصي له بالخدمة ثابتا في ذلك الجزء ولما كان فواته ينقص الخدمة فيثبت في بدله أيضا أو يباع العبد فيضم ثمنه أيضا إلى ذلك الأرش ويشترى بهما عبد ليكون قائما مقام الأول ولكن هذا إذا اتفقا عليه فان اختلفا في ذلك لم يبع العبد لان رقبته لأحدهما وخدمته للاخر فلا يجوز بيعه الا برضاهما ولكن يشترى بالأرش عبد يخدمه معه فإن لم يوجد بالأرش عبد وقف الأرش حتى يصطلحا عليه فان اصطلحا
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست