المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٣١
وفى ذلك المعنى الحر والمملوك سواء وليست النفوس قياس الأطراف لان وجوب القصاص هناك يعتمد المساواة في الجزء المبان ولهذا لا تقطع الصحيحة بالشلاء والرق ثابت في اجزاء الجسم فتنعدم بسببه المساواة بينهما في الأطراف مع أن طرف العبد في حكم المال عندنا ولهذا لا يكون مضمونا بالقصاص على أحد عبدا كان أو حرا بخلاف النفس فالمعتبر فيه المساواة في الحياة ولهذا لا تقتل النفس الصحيحة بالنفس الزمنة وقد تحققت المساواة هاهنا وعلى هذا لو قتل رجل صبيا فعليه القصاص لوجود المساواة بينهما في الحياة وكذلك لو قتل رجل امرأة وروى عن علي رضي الله عنه يتخير أولياؤها بين أن يستوفوا ديتها وبين أن يعطوا القاتل نصف ديته ثم يقتلونه قصاصا وهذا بعيد لا يصح عن علي رضي الله عنه وقد كان أفقه من أن يقول القصاص لم يكن واجبا ثم يجب باعطاء المال وعلى هذا لو قتل العبد الحر عمدا والمرأة الرجل فعليهما القصاص لوجود المساواة بينهما في الحياة والشافعي لا يخالفنا في هذا فإنه يرى استيفاء الأنقص بالأكمل قصاصا وإنما يأبى استيفاء الأكمل بالأنقص فإذا تبين هذا في حالة الانفراد فكذلك عند الاشتراك حتى إذا اشترك جماعة من الرجال في قتل حرة أو أمة فعليهم القصاص كما لو اشتركوا في قتل رجل حر وكذلك لو قتل المسلم الذمي عمدا فعليه القصاص عندنا وعند الشافعي لا قصاص عليه وأما الذمي إذا قتل ذميا ثم أسلم القاتل فعليه القصاص بالاتفاق ويحكى أن أبا يوسف رحمه الله قضى بالقصاص على هاشمي بقتل ذمي فجعل أولياء القاتل يؤذونه بألسنتهم ويقولون يا جائر يا قاتل مؤمن بكافر فشكاهم إلي الخليفة فقال ارفق بهم فلما علم مراد الخليفة خرج وأمر باعادتهم إليه ثم قال لأولياء القتيل هاتوا بينة من المسلمين ان صاحبكم كان يؤدى الجزية طوعا فان هؤلاء يدعون أنه كان ممتنعا من أداء الجزية فلهذا قتله ولا قتل عليهم الا بينة من المسلمين فعجزوا عن ذلك فدرأ القود به ودخل على الخليفة فأخبره بذلك فضحك وقال من يقاومكم يا أصحاب أبي حنيفة واستدل الشافعي بقوله تعالى أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون فالقصاص يبنى على المساواة وبعدما انتفت المساواة بينهما بالنصوص الظاهرة لا يجب عليه القصاص وقال عليه السلام المسلمون تتكافأ دماؤهم فهذا دليل على أن دماء غيرهم لا يكافئ دماءهم ثم قال في آخر الحديث لا يقتل مؤمن بكافر وبالإجماع ليس المراد نفى الاستيفاء فعرفنا ان المراد نفى الوجوب والمعنى فيه أن المقتول منقوص بنقص الكفر فلا يجب القصاص على المسلم بقتله كالمستأمن وهذا لان الكفر من أعظم النقائص فالكافر كالميت من
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست