المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٣٠
بان يشتريه فيمنع ذلك القصاص المساواة بينهما في حكم القصاص كالمسلم مع المستأمن * وحجتنا في ذلك قوله تعالى كتب عليهم القصاص في القتلى فهذا يقتضي وجوب القصاص بسبب كل قتل الا ما قام عليه الدليل فأما قوله الحر بالحر فهو ذكر بعض ما شمله العموم على موافقة حكمه فلا يجب تخصيص ما بقي (الا ترى) أنه كما قابل العبد بالعبد قابل الأنثى بالأنثى ثم لا يمنع ذلك مقابلة الذكر بالأنثى وفي مقابلة الأنثى بالأنثى دليل على وجوب القصاص علي الحرة بقتل الأمة وفائدة هذه المقابلة ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنه قال كانت المقابلة بين بني النضير وبين بني قريظة وكانت بنو النضير أشرف وكانوا يعدون بن قريظة على النصف منهم فتواضعوا على أن العبد من بنى النضير بمقابلة الحر من بني قريظة والأنثى منهم بمقابلة الذكر من بني قريظة فأنزل الله هذه الآية ردا عليهم وبيانا أن الحر بمقابلة الحر والعبد بمقابلة العبد والأنثى بمقابلة الأنثى من القبيلتين جميعا وعن علي بن أبي طالب قال يقتل الحر بالعبد وما روى عن ابن عمر وابن الزبير محمول على السيد إذا قتل عبده فقد كانوا مختلفين في ذلك فمنهم من كان يوجب القصاص ويستدل بقوله عليه السلام من قتل عبده قتلناه فإنما قال ذلك ردا علي من يقول منهم لا يقتل السيد بعبده والمعنى فيه أن دم العمد مضمون بالقصاص فيستوى أن يكون قاتله حرا أو عبدا كدم الحر وبيان الوصف أن العبد إذا قتل عبدا يلزمه القصاص والقصاص عقوبة تندرئ بالشبهات فيستدعى وجوبها انتفاء الشبهة المبيحة عن الدم وبعد انتفاء الشبهة الحر والعبد فيه سواء وسنقرر هذا الكلام في مسألة قتل المسلم الذمي والذي يختص بهذه المسألة حرفان أحدهما أن وجوب القصاص يعتمد المساواة في الذمي وقد تحقق ذلك فالرق والمملوكية لا يؤثر في الدم لان الرق إنما يؤثر فيما يتصور ورود القهر عليه وذلك أجزاء الجسم فأما الحياة فلا تدخل تحت القهر والدليل عليه أن العبد فيه يبقي على أصل الحرية حتى لا يملك المولى التصرف فيه اقرار عليه به ولا استيفاء منه إلا أن المولى إذا قتله لا يلزمه القصاص لانعدام المستوفى لأنه لو كان القاتل غيره كان هو المستوفى بولاية الملك والقتل لا يحرمه ذلك ولا يكون هو مستوفيا العقوبة من نفسه ونقصان بدل الدم كنقصان صفة المملوكية في محله لا في غيره كنقصان بدل الدم بسبب الأنوثة إنما يكون للملوكية في محله فأما الحياة فلا تحلها الأنوثة والثاني أن وجوب القصاص يعتمد المساواة في الاحراز والاحراز إنما يكون بالدار أو بالدين والمملوك في ذلك مساو للحر والحكمة في شرع القصاص الحياة
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست