المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٠٨
الهدر وأوجب القسامة عليهم لرجاء أن يظهر القاتل بهذا الطريق فيتخلص غير الجاني إذا ظهر الجاني ولهذا يستحلفون بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا ثم على أهل كل محلة حفظ محلهم عن مثل هذه الفتنة لان التدبير في محلتهم إليهم فإنما وقعت هذه الحادثة لتفريط كان منهم في الحفظ حين تغافلوا عن الاخذ على أيدي السفهاء منهم أو من غيرهم فأوجب الشرع القسامة والدية عليهم لذلك ووجوب القسامة والدية على أهل المحلة مذهب علمائنا وقال مالك رضي الله عنه إذا كان بين أهل القتيل وأهل المحلة عداوة ظاهرة ولوث وتأثيره وكان العهد قريبا بدخوله في محلتهم إلى أن وجد قتيلا يؤمر الولي بان يعين القاتل منهم باعتبار اللوث وتفسير اللوث أن يكون عليه علامة القاتلين أو يكون هو مشهورا بعداوته ثم يحلف الولي خمسين يمينا بالله انه قتله فإذا حلف اقتص له من القاتل وهو قول الشافعي في القديم وقال في الجديد فإذا حلف قضى له بالدية في ماله وإذا انعدمت هذه المعاني أو أبى الولي ان يحلف فالحكم فيه ما هو الحكم في سائر الدعاوى واحتج مالك رضي الله عنه بقوله عليه الصلاة والسلام في حديث سهل بن أبي حثمة أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم وفى رواية تحلفون وتستحقون وهذا تنصيص على أن اليمين على الولي وانه يستحق القصاص وفي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالقود في القسامة وقضى به أبو بكر وعمر رضي الله عنهم وعن بعض الصحابة قال قتلنا قاتل ولينا في القسامة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا حجة سوى اللوث وفي الحديث المعروف ان النبي صلى الله عليه وسلم قال البينة على المدعي واليمين على من أنكر الا في القسامة ففي هذا الاستثناء تنصيص على أن في القسامة اليمين علي المدعى فإذا حلف ترجح معنى الصدق في جانبه فيستحق المدعى وهو القود ثم قال الشافعي رضي الله عنه نرجح جانبه ولكن بحجة فيها ضرب شبهة والقصاص عقوبة يندرئ بالشبهة فيجب المال وهذا لان اليمين حجة من يشهد له الظاهر كما في سائر الدعاوى فان الظاهر يشهد للمدعي عليه لان الأصل براءة ذمته فاما في القسامة فالظاهر يشهد للمدعى عند قيام اللوث وقرب العهد فيكون اليمين حجة له * وحجتنا ما روينا من الآثار المشهورة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أعطى الناس بدعواهم الحديث وقد بينا في كتاب الدعوى ان اليمين ليست بحجة صالحة لاستحقاق فلس بها فكيف تكون حجة لاستحقاق نفس خصوصا في موضع يتيقن بان الحالف مجازف يحلف على ما لم يعاينه بحال محتمل في نفسه وهو اللوث وإنما اليمين مشروعة لا بقاء ما كان على ما كان فلا
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست