المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١١٠
وإذا كانت الدية هناك على عاقلته في ثلاث سنين فها هنا أولي فإن لم يكمل العدد خمسون رجلا كررت عليهم الايمان حتى يكملوا خمسين يمينا لما روى أن الذين جاؤوا إلى عمر رضي الله عنه من أهل وادعة كانوا تسعة وأربعين رجلا منهم فحلفهم ثم اختار منهم واحدا فكرر عليه اليمين وهذا لان عدد اليمين في القسامة منصوص عليه ولا يجوز الاخلال بالعدد المنصوص عليه ويجوز تكرار اليمين من واحد كما في كلمات اللعان ولأولياء القتيل ان يختاروا في القسامة صالحي العشيرة من الذين وجد بين أظهرهم القتيل فيحلفونهم لان النبي عليه الصلاة والسلام قال لأخ القتيل اختر منهم خمسين رجلا فدل أن الخيار إليه وهو حقه يستوفى بطلبه واليه تعيين من يستوفى منه حقه وله أن يختار الشبان والفسقة منهم لان تهمة القتيل عليهم أظهر وله أن يختار المشايخ والصلحاء منهم لأنهم يتحرزون عن اليمين الكاذبة أكثر مما يتحرز الفسقة فإذا علموا القاتل منهم أظهروه ولم يحلفوا وفي ظاهر الرواية القسامة على أهل المحلة والدية علي عواقلهم وذكر في اختلاف زفر ويعقوب ان علي قول زفر القسامة والدية على عاقلة أهل المحلة قياسا لاحد الموجبين علي الآخر وعلى قول أبى يوسف لا قسامة علي العاقلة لان التحمل يجري في الدية ولا يجرى التحمل في اليمين ولو اختاروا في القسامة أعمى أو محدودا في قذف كان ذلك لهم لأنهم أسوة غيرهم في الأهلية لليمين والنكول والخيار فيه إليهم دون الامام لان الحق لهم وإنما أراد بهذا الفرق بين هذا وبين اللعان فان اللعان شهادة والمحدود في القذف والأعمى ليس لهما شهادة الأداء فأما هذه فيمين محضة قال في الأصل وكل ما يلزم العاقلة يلزم أهل الديوان والمعاقلة من أهل الديوان ولا يلزم النساء والذرية من ذلك شئ ولا يؤخذ من الرجل في كل سنة الا ثلاثة دراهم أو أربعة لما روى أن عمر رضي الله عنه لما دون الدواوين وفرض الأعطيات جعل المعاقل عليهم في أعطياتهم على كل رجل في كل سنة ثلاثة دراهم أو أربعة وهذا عندنا وعند الشافعي رضي الله عنه العاقلة هم العشيرة على ما كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا ترى) أنه قال في حديث الجنين لأولياء الضاربة قوموا فدوه ولكنا نقول ما كانت الدواوين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كانوا يتناصرون بالقرابة بعد الدين فلما دون عمر رضي الله عنه الدواوين جعل التعاقل بالديوان لأنه باعتبار التناصر والتناصر بالديوان دون القبيلة فان أهل الديوان وان كانوا من قبائل شتى يقوم بعضهم بنصرة بعض وربما تظهر العداوة مع من هو من قبيلته من أهل ديوان آخر أكثر مما تظهر مع غيره على ما
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست