المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٤١
قال يحيى بن سعيد راوي الحديث أي هو جائر عليه في معنى قوله بئس ما صنع أي حين فرق بينه وبين امرأته بغير رضاه وإنما يكون ذلك إذا وقعت الفرقة ومن قال لا يقع طلاق المكره يقول مراد سعيد رضي الله عنه بئس ما صنع في اكتسابه بالاكراه وتضييعه وقت نفسه وقد رد عليه الشرع قصده وجعل طلاق المكره لغوا ولكن الأول أظهر وأصل هذا فيما إذا باع رجلا عينا من مال غيره بغير أمره ثم أخبر المالك به فقال بئس ما صنعت وهذا اللفظ في رواية هشام عن محمد لا يكون إجازة للبيع بخلاف قوله نعم ما صنعت أو أحسنت أو أصبت فان في اللفظ الأول إظهار الكراهة لصنعه وفى اللفظ الثاني إظهار الرضا به وروى ابن سماعة رحمه الله على عكس هذا ان قوله نعم ما صنعت يكون على سبيل الاستهزاء به في العادة فيكون ردا لا إجازة وقوله بئس ما صنعت يكون إجازة لأنه إظهار للتأسف على ما فاته وذلك أنما يتحقق إذا نفذ البيع وزال ملكه فجعلناه إجازة لذلك وعن صفوان بن عمرو الطائي أن رجلا كان مع امرأته نائما فأخذت سكينا وجلست على صدره فوضعت السكين على حلقه وقالت لتطلقني ثلاثا البتة أو لأذبحنك فناشدها الله فأبت عليه فطلقها ثلاثا فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام لا قيلولة في الطلاق وفيه دليل وقوع طلاق المكره لان لقوله عليه الصلاة والسلام لا قيلولة في الطلاق تأويلين أحدهما انها بمعنى الإقالة والفسخ أي لا يحتمل الطلاق في الفسخ بعد وقوعه وإنما لا يلزمه عند الاكراه ما يحتمل الإقالة أو يعتمد تمام الرضا والثاني ان المراد إنما ابتليت بهذا لأجل يوم القيلولة وذلك لا يمنع وقوع الطلاق وبطريق آخر يروى هذا الحديث أن رجلا خرج مع امرأته إلى الجبل ليمتار العسل فلما تدلى من الجبل بحبل وضعت السكين على الحبل فقالت لتطلقني ثلاثا أو لأقطعنه فطلقها ثلاثا ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستفتى فقال عليه الصلاة والسلام لا قيلولة في الطلاق وأمضى طلاقه وذكر نظير هذا عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه أن امرأة كانت مبغضة لزوجها فراودته على الطلاق فأبى فلما رأته نائما قامت إلى سيفه فأخذته ثم وضعته على بطنه ثم حركته برجلها فلما استيقظ قالت له والله لأنفذنك به أو لتطلقني ثلاثا فطلقها فأتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستغاث به فشتمها وقال ويحك ما حملك على ما صنعت فقالت بغضي إياه فأمضى طلاقه وهو دليل لنا على أن طلاق المكره واقع ولا يقال في هذا كله ان هذا الاكراه كان من غير السلطان لان الاكراه بهذه
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156