المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٣٦
أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله قالا لان الأربعين سوطا أدنى ما يكون من الحد وهو حد العبيد في القذف والشرب وقال عليه الصلاة والسلام من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين وهذا قول أبى يوسف الأول ثم رجع وقال يبلغ بالتعزير خمسة وسبعين سوطا لان أدنى الحد ثمانون سوطا وحد العبد نصف الحر وليس بحد كامل وهذا مروى عن محمد أيضا وعن أبي يوسف انه يجوز أن يبلغ بالتعزير تسعة وسبعين سوطا وهذا ظاهر على الأصل الذي بينا وأما تقدير النقصان بالخمسة على الرواية الأولى فهو بناء على ما كان من عادته انه كان يجمع في إقامة الحد والتعزير بين خمسة أسواط ويضرب دفعة فإنما نقص في التعزير ضربة واحدة وذلك خمسة أسواط وإذا أخذ الرجل مع المراة وقد أصاب منها كل محرم غير الجماع عزر بتسعة وثلاثين سوطا وقد بينا في كتاب الحدود أن كل من ارتكب محرما ليس فيه حد مقدر فإنه يعزر ثم الرأي في مقدار ذلك إلى الامام ويبنى ذلك على قدر جريمته وهذه جريمة متكاملة فلهذا قدر التعزير فيها بتسعة وثلاثين سوطا وقد بينا أن الضرب في التعزير أشد منه في الحدود لأنه دخله تخفيف من حيث نقصان العدد وانه ينزع ثيابه عند الضرر ويضرب على ظهره ولا يفرق على أعضائه إنما ذلك في الحدود وإذا نقب السارق النقب وأخذ المتاع فأخذ في البيت أو أخذ وقد خرج بمتاع لا يساوى عشرة دراهم فإنه يعزر لارتكابه محرما والمرأة في التعزير كالرجل لأنها تشاركه في السبب الموجب للتعزير وإذا كان الرجل فاسقا متهما بالشر كله فاخذ عزر لفسقه وحبس حتى يحدث توبة لأنه متهم وقد حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا في تهمة والذي يزنى في شهر رمضان نهارا فيدعى شبهة يدرأ بها الحد عن نفسه يعزر لافطاره لأنه مرتكب للحرام بافطاره وان خرج من أن يكون زانيا بما ادعي من الشبهة ولا يحبس هنا لان الحبس للتهمة فاما جزاء الفعل الذي باشره فالتعزير وقد أقيم عليه والمسلم الذي يأكل الربا أو يبيع الخمر ولا ينزع عن ذلك إذا رفع إلى الامام يعزره وكذلك المخنث والنائحة والمغنية فان هؤلاء يعزرون بما ارتكبوا من المحرم ويحبسون حتى يحدثوا التوبة لأنهم بعد إقامة التعزير عليهم مصرون على سوء صنيعهم وذلك فوق التهمة في ايجاب حبسهم إلى أن يحدثوا التوبة وإذا شتم المسلم امرأة ذمية أو قذفها بالزنا عزر لان الذمية غير محصنة فلا يجب الحد على على قاذفها ولكن قاذفها مرتكب ما هو محرم فيعزر وكذلك إذا قذف مسلمة قد زنت أو مسلما قد زنا أو أمة مسلمة لان المقذوف من هؤلاء غير محصن ولكن القاذف
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156