المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٣٦
لا أدرى ما تقول فقتله وقال للآخر أتشهد أن محمدا رسول الله فقال نعم فقال أتشهد أنى رسول الله فقال نعم فخلى سبيله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام أما الأول فقد آتاه الله تعالى أجره مرتين وأما الآخر فلا أثم عليه ففي هذا دليل انه يسعه ذلك عند الاكراه وانه ان امتنع منه حتى قتل كان أعظم لاجره لأنه أظهر الصلابة في الدين ولان اجراء كلمة الشرك جناية على الدين من حيث الصورة وإن لم تكن جناية معنى عند طمأنينة القلب بالايمان والتحرز عن الجناية على الدين صورة ومعنى سبب لنيل الثواب ولا يحل له أن يقتل المسلم بحال لأنه لو أكره على ذلك بعينه لم يحل له أن يفعله فعند التردد بينه وبين غيره أولى فان قتل الرجل المسلم ففي القياس عليه القود لأنه كان متمكنا من دفع البلاء عن نفسه باجراء كلمة الشرك على اللسان فلا يأثم به ولا تبين منه امرأته فإذا ترك ذلك وأقدم على القتل كان بمنزلة الطائع في ذلك ولما لم يتحقق الالجاء فيه فيصير حكم القتل عليه بمنزلة ما لو أكره عليه بالحبس فيلزمه القود ولكنه استحسن لاسقاط القود عنه إذ لم يكن عالما بان الكفر يسعه في هذا الوجه لان حرمة الشرك حرمة بانة مضمنة لا تنكشف بحال ولكن يرخص له مع طمأنينة القلب بالايمان فهو يتحرز مما هو حرام لأن هذه الرخصة سببها خفى قد يخفى على كثير من الناس فيصير جهله بذلك شبهة في اسقاط القود عنه ولكن يجب عليه الدية في ماله في ثلاث سنين لان الضرورة لم تتحقق له في الاقدام على القتل فيكون فعل القتل مقصورا عليه وان أسقطنا عنه القود للشبهة والمال يثبت مع الشبهات فتجب الدية في ماله ولكن الدية بنفس القتل تجب مؤجلة ولم يذكر في الكتاب ما إذا كان عالما بان الكفر يسعه وأكثر مشايخنا رحمهم الله على أنه يلزمه القود لأنه لا يبقى له شبهة في الاقدام على القتل إذا كان عالما بان الكفر يسعه فهو نظير المسلم إذا أكره على أكل الميتة ولحم الخنزير على ما بينه وهذه من جملة المسائل التي يضره العلم فيها ويخلص في جهله وفى هذا الكتاب من هذا الجنس خمس مسائل جمعناها في كتاب الوكالة ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول وإن كان يعلم ذلك لا يلزمه القود لأنه بما صنع قصد مغايظة المشركين واظهار الصلابة في الدين ويباح للانسان أن يبذل نفسه وماله لما يكون فيه كبت وغيظ للمشركين فيقاتلهم وإن كان يعلم أنهم يقتلونه فإذا كان يحل له في نفسه ففي نفس الغير أولى وان كأن لا يحل له ذلك فيصير شبهة في درء القود عنه ولو قيل له لتقتلنك أو لتأكلن هذه الميتة أو لتقتلن هذا المسلم عمدا فينبغي له أن يأكل الميتة لما
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156