المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١١
فأمسكوا ما بدا لكم وتزودوا فان القربة تنادي بإراقة الدم والتدبير في اللحم بعد ذلك من الأكل والامساك والاطعام إلى صاحبه إلا أنه للضيق والشدة في الابتداء نهاهم عن الامساك على وجه النظر والشفقة ليتسع موسرهم على معسرهم ولما انعدم ذلك التضييق أذن لهم في الامساك فأما النهى عن الشرب في الأواني فقد كان في الابتداء نهاهم عن الشرب في الأواني المتثلمة تحقيقا للزجر عن العادة المألوفة ولهذا أمر بكسر الدنان وشق الروايا فلما تم انزجارهم عن ذلك أذن لهم في الشرب ففي الأواني وبين لهم أن المحرم شرب المسكر وان الظرف لا يحل شيئا ولا يحرمه وقد بينا أن المسكر ما يتعقبه السكر وهو الكأس الأخير وعن إبراهيم رحمه الله قال أتى عمر رضي الله عنه باعرابي سكران معه إداوة من نبيذ مثلث فأراد عمر رضي الله عنه أن يجعل له مخرجا فما أعياه الا ذهاب عقله فامر به فحبس حتى صحا ثم ضربه الحد ودعا بإداوته وبها نبيذ فذاقه فقال أوه هذا فعل به هذا الفعل فصب منها في اناء ثم صب عليه الماء فشرب وسقى أصحابه وقال إذا رابكم شرابكم فاكسروه بالماء وفيه دليل انه ينبغي للامام أن يحتال الاسقاط الحد بشبهة يظهرها كما قال عليه الصلاة والسلام ادرؤا الحدود بالشبهات وقد كانوا يفعلون ذلك في الحدود كلها وفى حديث الشرب على الخصوص لضعف في سببه على ما روى عن علي رضي الله عنه قال ما من أحد أقيم عليه حدا فيموت فآخذ في نفسي في ذلك شيئا الا حد الخمر فإنه يثبت بآرائنا فلهذا طلب عمر رضي الله عنه مخرجا له وفيه دليل على أن السكران يحبس حتى يصحو ثم يقام عليه الحد لان المقصود هو الزجر وذلك لا يتم بالإقامة عليه في حال سكره فإنه لاختلاط عقله ربما يتوهم أن الضارب يمازحه بما يضربه والمقصود ايصال الألم إليه ولا يتم ذلك ما لم يصح تأخير إقامة الحد بعذر جائز كالمرأة إذا لزمها حد الزنا بالرجم وهي حبلى لا يقام عليها حتى تضع وفيه دليل انه لا بأس بشرب نبيذ الزبيب إذا كان مطبوخا وإن كان مشتدا فان عمر رضي الله عنه قد شرب منه بعد ما صب عليه الماء وسقى أصحابه ثم لم يبين أن الاعرابي أذن له في الشرب من إداوته ولكن الظاهر أنه شرب ذلك باذنه حتى روي أنه قال أتضربني فيما شربته فقال عمر رضي الله عنه إنما حددتك لسكرك فهو دليل انه إذا سكر من النبيذ الذي يجوز شرب القليل منه يلزمه الحد وعن حماد رضي الله عنه قال دخلت على إبراهيم رحمه الله وهو يتغدى فدعا بنبيذ فشرب وسقاني فرأى في الكراهة فحدثني عن علقمة رحمه الله انه كان يدخل على عبد الله
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156